وقال أبو البَقَاءِ: ولزم حذف الخبر للعلم به، وطول الكَلَام فإن وقعت «أن» بعدها ظهر الخبر كقوله: {فَلَوْلَا أَنَّهُ كَانَ مِنَ المسبحين}[الصافات: ١٤٣] فالخبر في اللّفظ ل «أن» ، وهذا الَّذِي قاله موهم، ولا تعلّق لخبر «أن» بالخبر المحذوف، ولا يغني عنه ألبتة فهو كغيره سواء، والتقدير: فلولا كونه مسبحاً حَاضِرٌ أو موجودٌ. فأي فائدة في ذكره لهذا؟ [والخبر] يجب حذفه في صور أخرى تأتي مفصّلة إن شاء الله تعالى في مواضعها، وقد تقدم عنى الفضل عند قوله:{فَضَّلْتُكُمْ عَلَى العالمين}[البقرة: ٤٧] .
قوله:{لَكُنْتُم مِّنَ الخاسرين} اللَاّ جواب «لولا» والعم أن جوابها إن كان مثبتاً، فالكثير دخول اللام كهذه الآية ونظائرها، ويقلّ حذفها؛ قال:[البسيط]
وإن كان منفيًّا فلا يخلو: إما أن يكون حرف النَّفي «ما» أو غيرها، إن كان غيرها فترك اللام واجب نحو:«لولا زيد لم أقم، ولن أقوم» ، لئلا يتوالى لامان، وإن كان ب «ما» فالكثير الحَذْف، ويقلّ الإتيان بها، وهكذا حكم جواب «لو» الامتناعية، وقد تقدم عند قوله:{وَلَوْ شَآءَ الله لَذَهَبَ بِسَمْعِهِمْ}[البقرة: ٢٠] ، ولا محلّ لجوابها من الإعراب. و «من الخاسرينَ» في محلّ نصب خبر «كان» ، و «من» للتبعيض.
فصل في تفسير فضل الله عليهم
ذكر القَفَّال في تفسيره وجهين:
الأول: لولا تفضل الله عليكم من إمهالكم، وتأخير العذاب عنكم لكنتم من الخاسرين، أي من الهالكين [الذين باعوا أنفسهم بنار جهنم] ، ومنه قوله تعالى:{خَسِرَ الدنيا والآخرة}[الحج: ١١] .
والثاني: أن يكون الخبر قد انتهى عند قوله: {ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ مِّن بَعْدِ ذلك} ، ثم قال:{فَلَوْلَا فَضْلُ الله عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ} رجوعاً بالكلام إلى أوله، أي: لولا لطف الله تعالى بكم برفع الجبل فوقكم لَدُمْتُمْ على ردّكم الكتاب ولكنه تفضل عليكم ورحمكم ولولا ذلك لكنتم من الخاسرين ببقائكم على تلك الحالة حتى يتم.
فإن قيل: كلمة «لولا» تفيد انتفاء الشيء لوجود غيره، فهذا يقتضي أن انْتِفَاء