فإن قيل: قال المفسرون في قوله تعالى: {والنجم والشجر يَسْجُدَانِ}[الرحمن: ٦] : إن المراد بالنجم: ما ينجم من الأرض ممَّا ليس له ساق، ومن الشجر ما له ساق، وأيضاً: عطف الشجر على النَّجم؛ فيوجب مغايرة الشجر للنجم.
فالجواب: أنَّ عطف الجنس على النع وبالضدِّ مشهور وأيضاً: فلفظ الشجرِ يشعر بالاختلاط، يقال: تشاجر القوم إذا اختلط أصوات بعضهم ببعض، وتشاجرتِ الرِّماح إذا اختلطت، وقال تعالى:{حتى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ}[النساء: ٦٥] ، ومعنى الاختلاط حاصل في العشب، والكلأ؛ فوجب إطلاق لفظ الشجر عليه.
وقيل المراد بالشجر ما له ساقٌ؛ لأنَّ الإبل تقدر على رعي ورق الأشجار الكبار وإطلاق الشجر على الكلأ مجازٌ.
قوله:{فِيهِ تُسِيمُونَ} هذه صفة أخرى ل «مَاءً» ، والعامة على «تُسِيمُونَ» بضم التاء من أسام، أي:[أرسلها] لترعى.
وقرأ زيد بن علي بفتحها، فيحتمل أن يكون متعدياً، ويكون فعل وأفْعَل بمعنى، ويحتمل أن يكون لازماً على حذف مضافٍ، أي: تُسِيمُ مَواشِيكُمْ.
يقال: أسمت الماشية إذا خلَّيتها ترعى، وسامت هي تسُومُ سَوْماً، إذا رعتْ حيثُ شاءتَ فهي سَوام وسَائِمَة.
قال الزجاج - رَحِمَهُ اللَّهُ -: «أخذ ذلك من السومةِ وهي العلامة؛ لأنَّها تؤثر في الأرض برعيها علاماتٍ» .
وقال غيره: لأنها تعلَّم الإرسال والمرعى، وتقدم الكلام في هذه المادة في آل عمران عند قوله تعالى:{والخيل المسومة}[الآية: ١٤] .
قوله تعالى:{يُنْبِتُ لَكُمْ} تحتمل هذه الجملة الاستئناف والتبعيَّة، كما في نظيرتها، ويقال: أنْبتَ الله الزَّرْعَ فهو منبُوت، وقياسه: مُنْبَت. وقيل: أنْبتَ قد يجيء لازماً، ك «نَبَتَ» ؛ وأنشد الفراء:[الطويل]