للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

شيءٍ أصلاً، وهذا يقتضي أنَّ من كان خالقاً لهذه الأشياءِ؛ فإنه يكون إلهاً، ولم يلزم منه أنه إن قدر على خلق أفعال نفسه أن يكون إلهاً.

الثاني: أنَّ معنى الآية: أنَّ من كان خالقاً كان أفضل ممَّن لا يكون خالقاً، فوجب امتناع التسوية بينهما في الإلهيَّة، والمعبوديَّة، وهذا القدر لا يدلُّ على انَّ كلَّ من كان خالقاً؛ فإنَّه يجب أن يكون إلهاً؛ لقوله: {أَلَهُمْ أَرْجُلٌ يَمْشُونَ بِهَآ} [الأعراف: ١٩٥] .

ومعناه أنَّ الذي له رجلٌ يمشي بها يكون أفضل من الذي له رجلٌ لا يمشي بها، وهذا يوجب كون الإنسان أفضل من الصَّنم، والأفضل لا يليقُ به عبادة الأخسِّ.

فهذا هو المقصود من هذه الآية، ثم إنها لا تدل على أن من له رجل يمشي بها أن يكون إلهاً، فلذلك ها هنا المقصود من هذه الآية: أنَّ الخالق أفضل من غير الخالق، فيمتنع التسويةُ بينهما في الإلهية والمعبودية، ولا يلزم منه أنَّه بمجرَّد حصول صفة الخالقيَّة يكون إلهاً.

الثالث: أنَّ كثيراً من المعتزلةِ لا يطلقون لفظ الخالق على العبد. قال الكعبيُّ في تفسيره: إنا لا نقول: إنا لا نخلق أفعالنا، ومن أطلق ذلك ققد أخطأ؛ إلَاّ في مواضع ذكرها الله تعالى؛ كقوله تعالى: {وَإِذْ تَخْلُقُ مِنَ الطين كَهَيْئَةِ الطير} [المائدة: ١١٠] ؛ وفي قوله عَزَّ وَجَلَّ: {فَتَبَارَكَ الله أَحْسَنُ الخالقين} [المؤمنون: ١٤] واعلمْ أنَّ أصحاب أبي هاشم يطلقون لفظ الخالق على العبد حقيقة؛ حتَّى إنَّ أبا عبد الله البصري بالغ وقال: إطلاق لفظ الخالق حقيقة على العبد، وعلى الله مجاز؛ لأنَّ الخلق عبارةٌ عن التقدير، وذلك عبارة عن الظنِّ، والحسبان، وهو في حقِّ العبد حاصلٌ، وفي حق الله تعالى محالٌ.

<<  <  ج: ص:  >  >>