رَحِيمٌ» بكم حيث لم يقطع نعمه عنكم لتقصيركم. قال بعضهم: إنَّه ليس لله على [الكافر] نعمةٌ. وقال الأكثرون: لله على الكافر والمؤمن نعمٌ كثيرةٌ؛ لأنَّ الإنعامَ بخلق السمواتِ، والأرض، وخلق الإنسان من نطفةٍ، والإنعام بخلق الخيلِ، والبغال والحمير، وجميع المخلوقات المذكورة للإنعام يشترك فيها المؤمن، والكافر.
قوله تعالى:{والله يَعْلَمُ مَا تُسِرُّونَ وَمَا تُعْلِنُونَ} قرأ العامة «تُسِرُّونَ» و «تُعْلِنُونَ» بناء الخطاب، وأبو جعفرٍ، وشيبة بالياء من تحت، وقرأ عاصم وحده:«يَدْعُونَ» بالياء، والباقون بالتاء من فوق، وقراءة «يُدْعَونَ» مبنيًّا للمفعول، وهن واضحات، والمعنى: أنَّ الكفار كانوا مع اشتغالهم بعبادة غير الله يسرُّون ضروباً من المكر بمكايد الرسول؛ فذكر هذا زجراً لهم عنها.
قوله تعالى:{والذين يَدْعُونَ مِن دُونِ الله لَا يَخْلُقُونَ شَيْئاً وَهُمْ يُخْلَقُونَ} تكريرٌ؛ لأن قوله تعالى:{أَفَمَن يَخْلُقُ} يدلُّ على أنَّ الأصنام لا تخلق شيئاً.
فالجواب: أنَّ الأول أنَّهم لا يخلقون شيئاً، وههنا أنَّهم لا يخلقون شيئاً، وأنهم مخلوقون كغيرهم؛ فكان هذا زيادة في المعنى.
قوله «أمْوات» يجوز أن يكون خبراً ثانياً، أي: وهم يخلقون وهم أمواتٌ، ويجوز أن يكون «يُخْلَقُونَ» ، و «أمْواتٌ» كلاهما خبر من باب: هذا حُلْوٌ حَامِضٌ ذكره أبو البقاء رَحِمَهُ اللَّهُ تعالى، ويجوز أن يكون خبر مبتدأ مضمر، أي: هم أمواتٌ.
قوله:{غَيْرُ أَحْيَآءٍ} يجوز فيه ما تقدم ويكون تأكيداً.
وقال أبو البقاء: ويجوز أن يكون قصد بها أنهم في الحال غير أحياء؛ ليدفع به توهُّم أنَّ قوله تعالى:{أَمْوَاتٌ} فيما بعد، إذ قال تعالى:{إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَّيِّتُونَ}[الزمر: ٣٠] .
قال شهابُ الدِّين:«وهذا لا يخرجه عن التأكيد الذي ذكره قبل ذلك» .