شُرَكَآؤُكُمُ الذين كُنتُمْ تَزْعُمُونَ} [الأنعام: ٢٢] وحسنت هذه الإضافة لأنه يكفي في حسن الإضافة أدنى سببٍ؛ كما يقال لمن يحمل خشبة:«خُذْ طَرفَكَ، وآخُذُ طَرفِي» فأضاف الطَّرفَ إليهِ.
ومعنى «تُشَاقُّونَ» أي: تعادون، وتخاصمون المؤمنين في شأنهم، والمشاقَّة: عبارة عن كون أحد الخصمين في شقٍّ، والخصم الآخر في الشق الآخر.
ثم قال تعالى:{قَالَ الذين أُوتُواْ العلم} قال ابن عباسٍ: يريد الملائكة، وقال آخرون: هم المؤمنون الذين يقولون حين يرون خزي الكفار في القيامة: {إِنَّ الخزي اليوم والسواء} العذاب {عَلَى الكافرين} وفائدة هذا الكلام: أنَّ الكفار كانوا يتكبَّرون على المؤمنين في الدنيا، فإذا ذكر المؤمنون هذا الكلام يوم القيامة؛ كان هذا الكلام في إيذاء الكفار أكمل وحصول الشماتة أقوى.
فصل في احتجاج المرجئة بالآية
احتج المرجئة بهذه الآية على أنَّ العذاب مختصٌّ بالكافرين، [قالوا:] فإن قوله تعالى: {إِنَّ الخزي اليوم والسواء} في يوم القيامة مختص بالكافرين، ويؤكد هذا قول موسى - عليه السلام -: {إِنَّا قَدْ أُوحِيَ إِلَيْنَآ أَنَّ العذاب على مَن كَذَّبَ وتولى}[طه: ٤٨] .
قوله:«اليَوْمَ» منصوب ب «الخِزْيَ» وعمل المصدر فيه «ألْ» وقيل: هو منصوب بالاستقرار في {عَلَى الكافرين} إلَاّ أنَّ فيه فصلاً بالمعطوف بين العامل ومعموله؛ واغتفر ذلك؛ لأنهم يتوسَّعون في الظروف.
قوله:{الذين تَتَوَفَّاهُمُ} يجوز أن يكون الموصول مجرور المحلِّ؛ نعتاً لما قبله، أو بدلاً منه، أو بياناً له، وأن يكون منصوباً على الذم أو مرفوعاً عليه، أو مرفوعاً بالابتداء، والخبر قوله {فَأَلْقَوُاْ السلم} والفاء مزيدة في الخبر؛ قاله ابن عطية.
وهذا لا يجيء إلَاّ على رأي الأخفش؛ في إجازته زيادة الفاء في الخبر مطلقاً؛ نحو:«زيْدٌ فقامَ» ، أي: قام، ولا يتوهم أنَّ هذه الفاء هي التي تدخل مع الموصول المضمَّن معنى الشَّرط؛ لأنَّه لو صرَّح بهذا الفعل مع أداة الشرط، لم يجز دخول الفاء عليه؛ فما ضمِّن معناه أولى بالمنع؛ كذا قاله أبو حيان، وهو ظاهر.
وعلى الأقوالِ المتقدمة، خلا القول الأخير يكون «الَّذينَ» وصلته داخلاً في القول، وعلى القول الأخير، لا يكون داخلاً فيه، وقرأ «يَتوفَّاهُمُ» بالياءِ في الموضعين حمزة، والباقون: بالتاء من فوق؛ وهما واضحتان مما تقدم في قوله:{فَنَادَتْهُ الملاائكة}[آل عمران: ٣٩] وناداه، وقرأت فرقة: بإدغام إحدى التاءين في الأخرى، وفي مصحف عبد