قوله:«لِيُبَيِّنَ» هذه اللام متعلقة بالفعل المقدَّر بعد حرف الإيجاب، أي: بلى يبعثهم، ليبيَّن، وقوله «كُنْ فَيكُونُ» تقدم في البقرة، «واللام» في «لِشيْءٍ» وفي «لَهُ» لام التبليغ؛ كهي في قوله قلت لهُ قُمْ فقَامَ، وجعلها الزجاج للسبب فيهما، أي: لأجل شيء أن يقول لأجله، وليس بواضح.
وقال ابن عطية:«وقوله» أنْ نَقُولَ «ينزَّل منزلة المصدر، كأنه قال: قولنا؛ ولكن» أنْ «مع الفعل تعطي استقبالاً ليس في المصدر في أغلب أمرها، وقد يجيء في مواضع لا يلحظ فيها الزمن؛ كهذه الآية؛ وكقوله - سبحانه وتعالى -: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَن تَقُومَ السمآء والأرض بِأَمْرِهِ}[الروم: ٢٥] إلى غير ذلك» .
قال أبو حيَّان: وقوله: «ولكن» أنْ «مع الفعل يعني المضارع» وقوله: «في أغلب أمرها» ليس بجيدٍ؛ بل تدل على المستقبل في جميع أمورها، وقوله:«قد تجيء ... إلى آخره» لم يفهم ذلك من دلالة «أنْ» وإنما فهم من نسبة قيام السماءِ، والأرض بأمر الله؛ لأنه يختصُّ بالمستقبل دون الماضي في حقه - تعالى -.
ونظيره:{وَكَانَ الله غَفُوراً رَّحِيماً}[الأحزاب: ٥] فكان تدلُّ على اقتران مضمون الجملة بالمزمن الماضي، وهو - سبحانه وتعالى - متَّصف بذلك في كل زمان.
قوله «قَولُنَا» مبتدأ، و «أن نقُول» خبره، و «كُنْ فَيكُونُ» : «كُنْ» من «كَانَ» التامة التي بمعنى الحدوث والوجود، أي: إذا أردنا حدوث شيء، فليس إلَاّ أن نقول له احدث فيحدث عقيب ذلك من غير توقفٍ.
وقرأ ابن عامر، والكسائي «فيكون» بنصب النون، والباقون بالرفع.
قال الفراء: ولقراءة الرفع وجهها: أن يجعل قوله «أن نقُول له» كلاماً تاماً، ثم يخبر عنه بأنه سيكون، كما يقال:«إنَّ زَيْداً يَكْفيهِ إنْ أمِرَ فيَفْعَلُ» برفع قولك «فَيَفْعَلُ» على أن تجعله كلاماً مبتدأ.
وأما وجه القراءة الأولى: فأن تجعله عطفاً على «أن نَقُول» والمعنى: أن نقول كن فيكون. هذا قول الجمهور.
وقال الزجاج:«ويجوز أن يكون نصباً على جواب» كُنْ «» .
ويجاب بأن قوله كُنْ وإن كانت على لفظ الأمر، فليس القصد به ههنا الأمر، إنما هو - والله أعلم - الإخبار عن كون الشيء وحدوثه، وإذا كان كذلك بطل قوله: إنه نصب على جواب «كُنْ» .