للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

فإن لم توجد «لا» النافية، أو كانت الأداة غير «إنْ» لم تحذف إلا ضرورة، مثال الأول قول الشاعر: [الرجز]

٣٣٢٥ - قَالتْ بَناتُ العَمِّ: يَا سَلمَى وإنْ ... كَانَ فَقِيراً مُعْدماً؛ قالتْ: وإنْ

أي: وإن كان فقيراً راضية؛ ومثال الثاني قول الشاعر: [الرمل]

٣٣٢٦ - صَعْدَةٌ نَابتَةٌ في حَائرٍ ... ايْنَمَا الرِّيحُ تُمَيِّلهَا تَمِلْ

وقول الآخر: [الخفيف]

_٣٣٢٧ - فَمَتى وَاغِلٌ يَنُبْهُمْ يُحَيُّو ... هُ وتُعْطَفْ عَليْهِ كَأسُ السَّاقِي

فصل

لما بيَّن أنَّ الواجب على العاقل أن لا يتَّقي غير الله، بين ههنا أنه يجب عليه أن لا يشكر أحداً إلا الله تعالى؛ لأنَّ الشكر إنما يلزم على النعمةِ، وكلُّ نعمةٍ تحصل للإنسانِ، فهي من الله تعالى، لقوله {وَمَا بِكُم مِّن نِّعْمَةٍ فَمِنَ الله} .

واحتجُّوا على أن الإيمان حصل بتخليقِ الله بهذه الآية؛ فقالوا: الإيمانُ نعمة وكلُّ نعمة فهي من الله، فالإيمان من الله تعالى، وأيضاً: فالنعمة عبارة عن كل ما ينتفع به، وأعظم الأشياء نفعاً هو الإيمان، فثبت أنَّ الإيمان نعمةٌ، وكل نعمة فهي من الله؛ لقوله {وَمَا بِكُم مِّن نِّعْمَةٍ فَمِنَ الله} وهذا اللفظ يفيد العموم، وأيضاً: فالموجود إمَّا واجب لذاته، وهو الله - تعالى - وإما ممكنٌ لذاته، والممكن لذاته، لا يوجد إلا لمرجح؛ إن كان واجباً لذاته، كان حصول ذلك الممكن بإيجادِ الله - تعالى - وإن كان مُمْكِناً لذاته، عاد التقسيمُ الأول فيه والتسلسل؛ وهو محال، فلا بدَّ أن ينتهي إلى إيجاد الواجب لذاته؛ فثبت بهذا أنَّ كل نعمة فهي من الله.

واعلم أنَّ النعم: إمَّا دينيَّة أو دنيويَّة، أما النعمُ الدينية: فهي إمَّا معرفة الحقِّ لذاه، وإما معرفة الخير؛ لأجل العمل به، وأما النعمُ الدنيوية فهي: إمَّا نفسانية، وإما بدنيةٌ، وإما خارجية، وكل واحدٍ من هذه الثلاثة جنس تحته أنواع خارجة عن الحصر والتحديد؛ كما قال: {وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَةَ الله لَا تُحْصُوهَا} [إبراهيم: ٣٤] انتهى.

قوله: {إِذَا مَسَّكُمُ الضر} قال ابن عباسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهما -: يريد الأسقام، والأمراض، والقحط، والحاجة.

<<  <  ج: ص:  >  >>