للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

الثاني: أنه متعلق ب» تتَّخذُونَ «، و» مِنْهُ «تكرير للظرف توكيداً؛ نحو: زيْدٌ في الدَّار فيها، قاله الزمخشري - رَحِمَهُ اللَّهُ تعالى - وعلى هذا فالهاء في» مِنْهُ «فيها ستَّة أوجه:

أحدها: أنها تعود على المضاف المحذوف الذي هو العصير؛ كما رجع في قوله تعالى:

{أَوْ هُمْ قَآئِلُونَ} [الأعراف: ٤] إلى الأهل المحذوف.

الثاني: أنها تعود على معنى الثمرات؛ لأنها بمعنى الثَّمر.

الثالث: أنها تعود على النَّخيل.

الرابع: أنها تعود على الجنس.

الخامس: أنها تعود على البعض.

السادس: أنها تعود على المذكور.

الوجه الثالث من الأوجه الأول: أنه معطوف على قوله: «فِي الأنعَام» فيكون في المعنى خبراً عن اسم إنَّ في قوله - عَزَّ وَجَلَّ -: {وَإِنَّ لَكُمْ فِي الأنعام لَعِبْرَةً} التقدير: وإن لكم في الأنعام ومن ثمرات النخيل لعبرة، ويكون قوله: «تَتَّخِذُون» بياناً وتفسيراً للعبرة، كما وقع «نُسْقِيكُمْ» تفسيراً لها أيضاً.

الرابع: أن يكون خبراً لمبتدأ محذوف، فقدَّره الطبري: ومن ثمرات النَّخيل والأعناب ما تتَّخذون.

قال أبو حيان: «وهو لا يجوز على مذهب البصريِّين» .

قال شهاب الدين: وفيه نظر؛ لأنَّ له أن يقول: ليست «ما» هذه موصولة، بل نكرة موصوفة، وجاز حذف الموصوف والصِّفة جملة؛ لأنَّ في الكلام «مِنْ» ، ومتى كان في الكلام «مِنْ» اطرد الحذف، نحو: «مِنَّا ظَعَنَ ومنَّا أقَامَ» ؛ ولهذا نظَّره مكيٌّ بقوله - تعالى -: {وَمَا مِنَّآ إِلَاّ لَهُ مَقَامٌ مَّعْلُومٌ} [الصافات: ١٦٤] ، أي: إلَاّ من له مقام معلوم، قال: فحذفت «مَنْ» لدلالة «مِنْ» عليها في قوله: «ومَا منَّا إلَاّ لهُ» .

ولمَّا قدَّر الزمخشري الموصوف، قدره: «ثمر تتَّخذون منه» ؛ ونظَّره بقول الشاعر: [الرجز]

٣٣٣٩ - يَرْمِي بكفَّي كان مِنْ أرْمَى البَشرْ ... تقديره: بكفَّي رجلٍ، إلا أنَّ الحذف في البيت شاذٌّ؛ لعدم «مِنْ» .

ولما ذكر أبو البقاء هذا الوجه؛ قال: «وقيل: هو صفة لمحذوفٍ تقديره: شيئاً تتخذون منه بالنصب، أي: وإن من ثمرات النَّخيل وإن شئت» شيءٌ «- بالرفع - على الابتداء، و» مِنْ ثمراتِ «خبره» .

<<  <  ج: ص:  >  >>