أردتُ: ذَاكَ وَذلِكَ. والذي حسن منه أن أسماء الإشارة تثنيتها، وجمعها، وتأنيثهما ليست على الحقيقة، وكذلك الموصولات، ولذلك جاء «الذي» بمعنى الجمع واحتج بعض العلماء بقوله: «عَوَانٌ بَيْنَ ذَلِكَ» على جواز الاجتهاد، واستعمال غلبة النَّص في الأحكام، إذ لا يعلم أنها بين الفَارِض والبِكْر إلا من طريق الاجتهاد.
قوله:{مَا تُؤْمَرونَ}«ما» موصولة بمعنى «الذي» ، والعائد محذوف تقديره: تؤمرون به، فحذفت الباء، وهو حذف مطرد، فاتصل الضمير فحذفت «الهاء» ، وليس هو نظير:{كالذي خاضوا}[التوبة: ٦٩] فإن الحذف هناك غير مقيس.
ويضعف أن تكون «ما» نكرة موصوفة.
قال أبو البقاء: لأن المعنى على العموم، وهو ب «الذي» أشبه، ويجوز أن تكون مصدرية أي: أمركم بمعنى مأموركم، تسمية للمفعول بالمصدر ك «ضَرْب الأمير» قاله الزمخشري.
و «تؤمرون» مبني للمعفول، و «الواو» قائم مقام الفاعل، ولا محلّ لهذه الجملة لوقوعها صلة.
صل في الغاية من وصف البقرة
والمقصود كون البقرة في أكمل أحوالها، وذلك لأن الصَّغيرة تكون ناقصة؛ لأنها لم تصل إلى حالة الكمال، والمُسِنّة صارت ناقصةً؛ لتجاوزها حَدّ الكمال، والمتوسط هو الذي يكون في حال الكمال. قاله الثعلبي.
قوله:{مَا لَوْنُهَا} كقوله: «مَا هِيَ» .
وقرأ الضحاك:«لونها» بالنصب.
وقال أبو البقاء: لو قرىء: لَوْنَهَا «بالنصب لكان له وَجْهٌ، وهو أن تكون» ما «زائدة كهي في قوله {أَيَّمَا الأجلين قَضَيْتُ}[القصص: ٢٨] ويكون التقدير: يبين لنا لَوْنَهَا وهذا تجديد للأمر، وتأكيد وتنبيه على ترك التعنّتن وهذا يدل على أن الأمر يقتضي الوجوب، ويدل على أن الأمر على الفور؛ لأنه تعالى ذمهم على التأخير بقوله:{فَذَبَحُوهَا وَمَا كَادُواْ يَفْعَلُونَ}[البقرة: ٧١] .
واستدل بعضهم على أن الأمر على التراخي؛ لأنه تعالى لم يعنفهم على التأخير والمُرَاجعة في الخطاب، قاله القرطبي عن ابن خُوَيْزِمَنْداد.