للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

قوله: {وَأَلْقَوْاْ إلى الله يَوْمَئِذٍ السلم} العامة على فتح السين واللام.

وقرأ أبو عمرو في رواية بسكون اللام، ومجاهد بضمِّ السين واللام، وكأنَّه جمع سلام؛ نحو: قُذال وقُذُل، والسَّلَمُ واحد، وقد تقدَّم الكلام عليهما في سورة النساء.

فصل

والمعنى: أن المشركين إذا رأوا تلك الشُّركاء، {قَالُواْ رَبَّنَا هؤلاءآء شُرَكَآؤُنَا الذين كُنَّا نَدْعُوْا مِن دُونِك} ، وفائدة هذا القول من وجهين:

الأول: قال أبو مسلم - رَحِمَهُ اللَّهُ -: «مقصود المشركين إحالةُ الذَّنب على الأصنام؛ ظنًّا منهم أن ذلك ينجيهم من عذاب الله، أو ينقص من عذابهم، عند هذا تكذِّبهم تلك الأصنام» .

قال القاضي: «هذا بعيدٌ؛ لأن الكفار يعلمون علماً ضروريًّا في الآخرة أنَّ العذاب ينزل بهم، ولا ينفعهم فدية ولا شفاعة» .

والثاني: أن المشركين يقولون هذا الكلام تعجُّباً من حضور تلك الأصنام، مع أنه لا ذنب لها، واعترافاً بأنَّهم كانوا مخطئين في عبادتها.

ثم حكى - تعالى - انَّ الأصنام يكذبونهم، فقال: {فَألْقَوْا إِلَيْهِمُ القول إِنَّكُمْ لَكَاذِبُونَ} ، والمعنى: أنه - تعالى - يخلق الحياة والعقل والنطق في تلك الأصنام فيلقوا إليهم، أي: يقولون لهم: «إنَّكُم لكَاذِبُونَ» .

فإن قيل: إن المشركين لم يقولوا، بل أشاروا إلى اًنام، فقالوا: هؤلاء شركاؤنا الذين كنَّا ندعو من دونك، وقد كانوا صادقين في كلِّ ذلك، فكيف قالت الأصنام طإنَّكم لكَاذبُونَ «؟ .

فالجواب من وجوه:

أصحها: أن المراد من قولهم:» هؤلاء شُركاؤنَا «، أي: أنَّ هؤلاء هم الَّذين كنَّا نقول: إنهم شركاء الله في المعبودية، فالأصنام كذَّبوهم في إثبات هذه الشركة.

وقيل: المراد: إنَّهم لكاذبون في قولهم: إنَّا نستحقُّ العذاب بدليل قوله - تعالى - {كَلَاّ سَيَكْفُرُونَ بِعِبَادَتِهِمْ} [مريم: ٨٢] .

ثم قال: {وَأَلْقَوْاْ إلى الله يَوْمَئِذٍ السلم} قال الكلبي: استسلم العابد والمعبود، وأقرُّوا لله بالرُّبوبية وبالبراءة عن الشركاء والأنداد.

<<  <  ج: ص:  >  >>