قوله - تعالى -: {وَلَقَدْ جَآءَهُمْ رَسُولٌ مِّنْهُمْ} الآية لما ذكر المثل ذكر الممثل فقال: «ولقَدْ جَاءَهُم» يعني: أهل مكة، «رسُولٌ مِنهُمْ» ، أي: من أنفسهم يعني: محمَّداً صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ {فَكَذَّبُوهُ فَأَخَذَهُمُ العذاب} قال ابن عبَّاس - رَضِيَ اللَّهُ عَنْه -: يعني الجوع.
وقيل: القتل يوم بدر، والأول أولى؛ لقوله - تعالى - بعده:{فَكُلُواْ مِمَّا رَزَقَكُمُ الله حَلالاً طَيِّباً واشكروا نِعْمَةَ الله إِن كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ} ، أي: إنَّ ذلك الجوع بسبب كفرهم، فاتركوا الكفر حتى تأكلوا.
وقوله:{مِمَّا رَزَقَكُمُ الله}[المائدة: ٨٨] ، أي من [الغنائم] ؛ قاله ابن عبَّاس - رضي اله عنه -.
وقال الكلبي:«إن رؤساء مكَّة كلَّموا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ حين جهدوا، وقالوا: عاديت الرِّجال، فما بال النِّساء والصِّبيان؟ وكانت الميرة قد قطعت عنهم بأمر رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ، فأذن بحمل الطعام إليهم» .
قوله تعالى:{واشكروا نِعْمَةَ الله} صرَّح هنا بالنِّعمة؛ لتقدم ذكرها مع من كفر بها، ولم يجئ ذلك في البقرة، بل قال:{واشكروا للَّهِ}[البقرة: ١٧٢] لما تقدَّم ذلك، وتقدَّم نظير ما هنا.