وأجاب الجبائيُّ فقال: ليس المراد من الآية أنَّه تعالى يريد إهلاكهم قبل أن يعصوا ويستحقُّوا ذلك؛ لأنَّه لا يظلم، وهو على الله محالٌ، بل المراد من الإرادة قرب تلك الحالة، فكان التقدير: وإذا قرب وقت إهلاكِ قريةٍ أمرنا مترفيها، ففسقوا فيها، وهو كقول القائل: إذا أراد المريض أن يموت ازدادت أمراضه شدَّة، وإذا أراد التَّجر أن يفتقر أتاه الخسران من كلِّ جهةٍ، وليس المراد أنَّ المريض يريدُ أن يموت على الذُّنوب، والتَّاجر يريد أن يفتقر، وإنَّما يعنون أنه سيصير كذلك؛ فكذا هاهنا.
واعلم أنَّ هذه الوجوه جواب عن الوجه الأوَّل من الوجوه الثلاثة المتقدمة في التمسُّك بهذه الآية، وكلها عدول عن ظاهر اللفظ، وأما الوجه الثاني والثالث فبقي سليماً عن الطَّعن.