للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

جاءه رجل بقصعةٍ، وقال له: أعطني شيئاً من ماءِ الملامِ، فقال: حتى تأتيني بريشةٍ من جناح الذلِّ؛ يريد أن هذا مجاز استعارةٍ كذاك، وقال بعضهم: [الطويل]

٣٤٠٧ - أرَاشُوا جَناحِي ثُمَّ بلُّوه بالنَّدى ... فلمْ أسْتطِعْ من أرْضهِمْ طَيرانَا

وقرأ العامة «الذُّلِّ» بضم الذال، وابن عبَّاسٍ في آخرين بكسرها، وهي استعارةٌ؛ لأن الذلَّ في الدوابِّ؛ لأنَّه ضدُّ الصعوبة، فاستعير للأناسيِّ، كما أنَّ الذل بالضم ضدُّ العزِّ.

قوله: «من الرَّحمة» فيه أربعة أوجه:

أحدها: أنها للتعليل، فتتعلق ب «اخفِضْ» ، أي: اخفض من أجل الرَّحمة.

والثاني: أنها لبيان الجنس؛ قال ابن عطيَّة: «أي: إنَّ هذا الخفض يكون من الرحمة المستكنَّة في النَّفس» .

الثالث: أن تكون في محلِّ نصبٍ على الحال مِنْ «جَنَاح» .

الرابع: أنها لابتداء الغاية.

قوله: «كَمَا ربَّيانِي» في هذه الكاف قولان:

أحدهما: أنها نعتٌ لمصدر محذوف، فقدَّره الحوفيُّ: «ارحمهما رحمة مثل تربيتهما [لي] » . وقدَّره أبو البقاء: «رحمة مثل رحمتهما» كأنَّه جعل التربية رحمة.

والثاني: أنها للتعليل، أي: ارحمهما؛ لأجل تربيتهما؛ كقوله: {واذكروه كَمَا هَدَاكُمْ} [البقرة: ١٩٨] .

قال القرطبيُّ: ولا يختصُّ برُّ الوالدين بأن يكونا مسلمين، بل إن كانا كافرين يبرُّهما، ويحسن إليهما.

قال القفال - رَحِمَهُ اللَّهُ -: إنَّه لم يقتصر في تعليم البرِّ بالوالدين على تعليم

<<  <  ج: ص:  >  >>