وقوله - صلوات الله وسلامه عليه -: «لا يحلُّ مالُ امرئٍ مسلمٍ إلَاّ بطيبِ نَفسٍ منهُ» .
وقوله:«إذَا اختلف الجِنْسَانِ، فَبِيعُوا كيف شِئتُمْ يداً بيدٍ» .
وقوله:«مَن اشْتَرى مَا لَمْ يَرهُ، فلهُ الخيارُ إذا رَآهُ» .
فجميع هذه الآيات والأخبار دالة على أنَّ الأصل في البياعات والعهود والعقود الصحة ووجوب الالتزام.
فإذا وجدنا نصًّا أخصَّ من هذه النصوصِ يدلُّ على البطلان والفساد، قضينا به؛ تقديماً للخاصِّ على العام، وإلا قضينا بالصحة على الكلّ، وأما تخصيص النصِّ بالقياس، فباطلٌ، وبهذا الطريق تصير أبواب المعاملاتِ جميعها مضبوطة معلومة بهذه الىية الواحدة، ويكون المكلَّف مطمئن القلب والنَّفس في العمل؛ لأنَّ هذه النصوص دلَّت على الصحَّة، وليس بعد بيان الله تعالى بيانٌ.
قوله تعالى:{إِنَّ العهد كَانَ مَسْؤُولاً} عن الوفاء بعهده؛ كقوله عزَّ وجلَّ:{واسأل القرية}[يوسف: ٨٢] .
والثاني: أنَّ الضمير يعود على العهد، ونسب السؤال إليه مجازاً؛ كقوله تعالى:{وَإِذَا الموءودة سُئِلَتْ بِأَىِّ ذَنبٍ قُتِلَتْ}[التكوير: ٨، ٩] .
أي: يقال للعهد عن صاحب العهد: لم نقضت، وهلَاّ وفَّى بك؛ تبكيتاً للنَّاكث كقوله:{أَأَنتَ قُلتَ لِلنَّاسِ اتخذوني}[المائدة: ١١٦] ، فالمخاطبة لعيسى - صلوات الله وسلامه عليه - والإنكار على غيره.
وقال السديُّ:{كَانَ مَسْؤُولاً} ، أي مطلوباً يطلب من المعاهد ألا يضيِّعه ويفي به.