والمَرحُ: شدَّة السرورِ والفرح؛ مَرِحَ يمْرحُ مرحاً، فهو مَرحٌ؛ كفَرِحَ يَفْرحُ فرحاً، فهو فَرِحٌ.
قوله:{إِنَّكَ لَن تَخْرِقَ الأرض وَلَن تَبْلُغَ الجبال طُولاً} الآية.
قرأ أبو الجرَّاح «لن تَخرُق» بضم الراء، وأنكرها أبو حاتم وقال: لا نعرفها لغة البتَّة.
والمراد من الخرقِ ها هنا نقب الأرض، وذكروا فيه وجوهاً:
الأول: أنَّ الشيء إنما يتمُّ بالارتفاع والانخفاض، فكأنه قال إنَّك حال الانخفاض لا تقدر على خرق الأرض ونقبها، وحال الارتفاع لا تقدر على أن تصل إلى رءوس الجبال، والمعنى: أن الإنسان لا ينال بكبره وبطره شيئاً، كمن يريد خرق الأرض، ومطاولة الجبال لا يحصل على شيء.
والمراد التنبيهُ على كونه ضعيفاً عاجزاً، فلا يليقُ به التكبُّر.
الثاني: أنَّ تحتك الأرض التي لا تقدر على خرقها، وفوقك الجبال التي لا تقدر على الوصول إليها، فأنت محاطٌ بك من فوقك، ومن تحتك بنوعين من الجماد، وأنت أضعف منهما بكثيرٍ، والضعيف المحصور لا يليق به التكبُّر، فكأنه قيل له: تواضع، ولا تتكبَّر؛ فإنَّك خلقٌ ضعيفٌ من خلق الله، محصورٌ بين حجارةٍ وترابٍ، فلا تفعل فعل القويِّ المقتدر.
الثالث: أنَّ من يمشي مختالاً يمشي مرَّة على عقبيه، ومرَّة على صدور قدميه، فقيل له: إنَّك لن تنقب الأرض، إن مشيت على عقبيك، ولن تبلغ الجبال طولاً، إن مشيت على صدور قدميك.
قال عليٌّ - كرَّم الله وجهه -: كَان رسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ إذا مَشَى تَكَفَّأ تَكفُّؤاً؛ كأنَّما ينحطُّ من صَبَبٍ.
وروى أبو هريرة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْه - قال:«ما رأيْتُ شَيْئاً أحْسنَ من رسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ كأنَّ الشَّمسَ تَجْري في وجْههِ، وما رأيتُ أحداً أسرعَ مِشْيةً من رسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ كَأنَّما الأرضُ تطوى له، إنَّا لنَجْهدُ أنْفُسنَا وهُو غَيْرُ مُكْترِثٍ» .