الرابع: أنه نعتٌ ل «سَيِّئةً» ، وإنما ذكر لأن «سيِّئةً» تأنيث موصوفه مجازي؛ وقد ردَّ هذا؛ بأن ذلك إنًَّما يجوز حيث أسند إلى المؤنث المجازيِّ، أمَّا إذا أسند إلى ضميره، فلا؛ نحو:«الشَّمسُ طَالعةٌ» لا يجوز: «طَالعٌ» إلا في ضرورةٍ كقوله:
لو قال: فإنَّ الحدثان، لصحَّ من حيثُ المعنى، فعدل عنه؛ ليصحَّ الوزنُ.
وقرأ عبد الله أيضاً «َان سَيِّئاتٍ» بالجمع من غير إضافةٍ، وهو خبر «كان» وهي تؤيِّد قراءة الحرميَّين، وأبي عمرو.
فصل
قال القاضي - رَحِمَهُ اللَّهُ -: دلَّت هذه الآية على أنَّ هذه الأعمال مكروهة عند الله تعالى، والمكروهُ لا يكون مراداً، فهذه الأعمال غير مرادِ الله، فبطل قول من يقول: كل ما دخل في الوجود، فهو مراد الله تعالى، وإذا ثبت أنها ليست بإرادة الله تعالى، وجب ألَاّ تكون مخلوقة - لله تعالى -؛ لأنَّها لو كانت مخلوقة لله تعالى، لكانت مرادة، لا يقال: المراد من كونها مكروهة: أنَّ الله تعالى نهى عنها.
وأيضاً: معنى كونها مكروهة أن الله تعالى كره وقوعها، وعلى هذا التقدير: فهذا لا يمنع أنَّ الله تعالى أراد وجودها، لأنَّ الجواب أنه عدولٌ عن الظاهر.
وأيضاً: فكونها سيِّئة عند ربِّك يدلُّ على كونها منهيًّا عنها، فلو حملت المكروه على النَّهي، لزم التَّكرار.
والجواب عن الثاني أنه تعالى إنما ذكر هذه الآية في معرض الزجر عن هذه الأفعال، ولا يليقُ بهذا الموضع أن يقال: إنه تعالى يكرهُ وقوعها.