إن» النافية، في أدواتِ تعليق هذا الباب، و «قليلاً» يجوز أن يكون نعت زمانٍ أو مصدرٍ محذوفٍ، أي: إلا زماناً قليلاً، أو لبثاً قليلاً.
فصل في معنى النداء والإجابة
المعنى:«يَوْمَ يَدْعوكم» بالنِّداء من قبوركم إلى موقف القيامة، «فتَسْتَجِيبُونَ» أي: تجيبون، والاستجابة موافقة الداعي فيما دعا إليه، وهي الإجابة، إلَاّ أنَّ الاستجابة تقتضي طلب الموافقةِ، فهي أوكد من الإجابة.
وقوله «بِحَمْدهِ» قال ابن عباس: بأمره.
وقال قتادة: بطاعته؛ لأنَّهم لما أجابوه بالتَّسبيح والتَّحميد، كان ذلك معرفة منهم وطاعة، ولكنَّهم لا ينفعنم ذلك في ذلك اليوم.
وقيل: يُقِرُّون بأنَّه خالقهم وباعثهم، ويحمدونه حين لا ينفعهم الحمد، وهذا خطاب للكفّار.
وقيل: هذا خطابٌ للمؤمنين.
قال سعيد بن جبير: يخرجون من قبورهم، وينفضون التُّرابَ عن رءوسهم، ويقولون: سبحانك وبحمدك، وهو قوله:{فَتَسْتَجِيبُونَ بِحَمْدِهِ} .
وقال أهل المعاني: أي تستجيبون حامدين؛ كما تقول: جاء بغضبه، أي: جاء غضبان، وركب الأمير بسيفه، أي: وسيفه معه، ثم قال:{وَتَظُنُّونَ إِن لَّبِثْتُمْ إِلَاّ قَلِيلاً} أي: إن لبثتم في الدنيا، أو في القبور {إِلَاّ قَلِيلاً} لأنَّ الإنسان لو مكث ألوفاً من السِّنين في الدنيا أو في القبور، عُدَّ ذلك قليلاً في مدَّة القيامة والخلود.
وقال ابن عباسٍ: يريد بين النفختين الأولى والثانية، فإنه يزال عنهم العذاب في هذا الوقت، ويدلُّ عليه قوله تعالى في سورة يس {مَن بَعَثَنَا مِن مَّرْقَدِنَا}[يس: ٥٢] وذلك ظنُّهم بأنَّ هذا اللبث قليل، أي: لبثهم فيما بين النَّفختين.