للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

ومقاربة السقوط ما لو ظهر مثله في حيّ مختارٍ، لكان مريداً للانقضاض، ونحو هذا قوله: [الطويل]

٥٩٦ - بَخِيْلٍ تَضِلُّ الْبُلْقُ فِي حَجَرَاتِهِ ... تَرَى الأُكْمَ فِيهِ سُجَّداً لِلْحَوَافِرِ

فجعل ما ظهر في الأكم من أثر الحَوَافر من عدم امتناعها مِنْ دفع ذلك عن نفسها كالسُّجود منها للحوافر.

الوجه الثاني: من التأويل: قوله:» مِنْ خَشْيَةِ اللهِ «: من الحجارة ما ينزل، وما يشقق، ويتزايل بعض عن بعض عند الزلازل من أجل ما يريد الله بذلك من خَشْية عباده له وفزعهم إليه بالدعاء والتوبة.

وتحقيقه أنه كان المقصود الأصلي من أهباط الأحجار في الزلازل الشديدة أن تحصل الخشية في القلوب.

الوجه الثالث: قال الجُبَّائي:» الحجارة «البَرَدُ الذي يهبط من السحاب تخويفاً من الله تعالى لعباده لِيَزْجُرَهُمْ به.

قال: وقوله:» مِنْ خَشْيَةِ اللهِ «أي: خشية الله، أي: ينزل بالتخويف للعباد، أو بما يوجب الخشية لله، كما تقول: نزل القرآن بتحريم كذا، وتحليل كذا، أي: بإيجاب ذلك على الناس.

قال القاضي: هذا التأويل ترك للظَّاهر من غير ضرورة؛ لأن البَرَد لا يوصف بالحجارة؛ لأنه ماء في الحقيقة.

قوله:» مِنْ خَشْيَةِ اللهِ «منصوب المحلّ متعلق ب» يهبط «، و» من «للتعليل.

وقال أبو البقاء:» من «في موضع نصب ب» يهبط «، كما تقول: يهبط بخشية الله، فجعلها بمعنى» الباء « [المعدية] وهذا فيه نظر لا يخفى.

و «خشية» مصدر مضاف للمفعول تقديره: من أن يخشى الله، وإسناد الهبوط إليها استعارة؛ كقوله: [الكامل]

٥٩٧ - لَمَّا أَتَى خَبَرُ الزُّبَيْرِ تَواضَعَتْ ... سُورُ الْمَدِينَةِ والْجِبَالُ الْخُشَّعُ

ويجوز أن يكون حقيقة على معنى: أن الله خلق فيها قابليّةً لذلك.

وقيل: الضمير في «منها» يعود على «القلوب» ، وفيه بُعْد لتنافر الضمائر.

<<  <  ج: ص:  >  >>