للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

وهذه الآية تدلُّ على أنَّ العمل علَّة الجزاءِ.

قوله: {وَقَالُواْ أَإِذَا كُنَّا عِظَاماً وَرُفَاتاً أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ خَلْقاً جَدِيداً} .

لمَّا أجاب عن شبهات منكري النبوة، عاد إلى حكاية شبهة منكري المعاد.

وتلك الشبهة: هي أنَّ الإنسان بعد أن يصير رفاتاً، ورميماً، يبعد أن يعود هو بعينه، فأجاب الله عنه: بأنَّ من بدر على خلق السموات والأرض في عظمتها وشدَّتها قادر على أن يخلق مثلهم في سغرهم، وضعفهم؛ نظيره قوله تعالى: {لَخَلْقُ السماوات والأرض أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ الناس} [غافر: ٧٥] .

وفي قوله: {قَادِرٌ على أَن يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ} قولان:

الأول: [معناه] قادر على أن يخلقهم ثانياً، فعبَّر عن خلقهم بلفظ «المثل» ؛ كقوله المتكلِّمين: إنَّ الإعادة مثل الابتداء.

والثاني: قادر على أن يخلق عبيداً آخرين يوحِّدونه، ويقرُّون بكمال حكمته وقدرته، ويتركون هذه الشبهات الفاسدة؛ وعلى هذا، فهو كقوله تعالى: {وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ} [إبراهيم: ١٩] وقوله: {وَيَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ} [التوبة: ٣٩] .

قال الواحديُّ: والأول أشبه بما قبله.

ولمَّا بيَّن الله تعالى بالدَّليل المذكور: أنَّ البعث يمكنُ الوجود في نفسه، أردفه بأنَّ لوقوعه ودخوله في الوجود وقتاً معلوماً عند الله تعالى؛ وهو قوله: {وَجَعَلَ لَهُمْ أَجَلاً لَاّ رَيْبَ فِيهِ} أي: جعل لهم وقتاً لا ريب فيه، {فأبى الظالمون إَلَاّ كُفُوراً} أي: الظالمون إلا الكفر والجحود.

قوله: {وَجَعَلَ لَهُمْ} : معطوف على قوله «أو لَمْ يَروْا» ؛ لأنه في قوة: قد رأوا، فليس داخلاً في حيِّز الإنكار، بل معطوفاً على جملته برأسها.

وقوله: {لَاّ رَيْبَ فِيهِ} صفة ل «أجلاً» ، أي: أجلاً غير مرتابٍ فيه، فإن أريد به يوم القيامة، فالإفرادُ واضحٌ، وإن أريد به الموت، فهو اسم جنسٍ؛ إذ لكلِّ إنسانٍ أجلٌ يخصه.

وقوله: {إَلَاّ كُفُوراً} قد تقدَّم.

<<  <  ج: ص:  >  >>