للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

و «اتَّخذ» يجوز أن يتعدى لواحد؛ بمعنى «عملوا» لأنهم نحتوها بأيديهم، ويجوز أن تكون متعدية لاثنين؛ بمعنى «صيَّروا» و «مِن دونه» هو الثاني قدِّم، و «آلهة» هو الأول، وعلى الوجه الأول يجوز في «من دونه» أن يتعلق ب «اتَّخذُوا» وأن يتعلق بمحذوفٍ حالاً من «ىلهة» إذ لو تأخَّر، لجاز أن يكون صفة ل «آلهة» .

قوله: «لَوْلَا يَأتُونَ» تحضيض فيه معنى الإنكار، و «عَليْهِمْ» أي: على عبادتهم، أو على اتخاذهم، فحذف المضاف للعلم به، ولا يجوز أن تكون هذه الجملة التحضيضية صفة ل «آلهة» لفساده؛ معنى وصناعة؛ لأنها جملة طلبية.

فإن قلت: أضمر قولاً؛ كقوله: [الرجز]

٣٤٩١ - جَاءُوا بمَذْقٍ هل رَأيْتَ الذِّئْبَ قَطْ ... هذا قول أصِحاب الكهف يعنون أهل بلدهم هم الذين كانوا في زمن دقيانوس، عبدوا الأصنام {لَّوْلَا يَأْتُونَ} هلا يأتون «عَليْهِمْ» على عبادتهم «بسُلْطَانٍ» بحجَّة بينة واضحة، ومعنى الكلام أن عدم البينة بعدم الدَّليل لا يدلُّ على عدم المدلول، وهذه الآية تدلُّ على صحَّة هذه الطريقة؛ لأنَّه تعالى استدلَّ على عدم الشركاء والأضداد؛ لعدمِ الدَّليل عليه، ثم قال: {فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افترى عَلَى الله كَذِباً} فزعم أ، َّ له شريكاً، وولداً، يعني أنَّ الحكم بثبوت الشيء مع عدم الدليل عليه ظلمٌ وافتراءٌ على الله وكذبٌ، وهذا من أعظم الدلائل على فساد القول بالتَّقليد.

قوله: {وَإِذِ اعتزلتموهم} : «إذْ» منصوب بمحذوف، أي: وقال بعضهم لبعض وقت اعتزالهم، وجوَّز بعضهم أن تكون «إذ» للتعليل، أي: فأووا إلى الكهف؛ لاعتزالكم إيَّاهم، ولا يصحُّ.

قوله: «ومَا يَعبُدُونَ» يجوز في «مَا» ثلاثة أوجهٍ:

أحدها: أن تكون بمعنى «الذي» والعائد مقدر، أي: واعتزلتم الذي يعبدونه وهذا واضح. و «إلَاّ الله» يجوز فيه أن يكون استثناء متصلاً، فقد روي أنَّهم كانوا يعبدون الله

<<  <  ج: ص:  >  >>