للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

وفاعلهما، فالأولى أن يعود على الشمس، ويكون كقوله: [المتقارب]

٣٤٩٨ - ... ... ... ... ... . ... ولا أرْضَ أبْقلَ إبْقَالهَا

وهو قول ابن كيسان.

و «ذات اليمينِ» و «ذاتَ الشِّمالِ» ظرفا مكانٍ بمعنى جهة اليمين، وجهة الشِّمال.

فصل

قال المفسرون: «تَزاوَرُ» بمعنى «تَمِيلُ» وتعدل عن كهفهم {ذَاتَ اليمين} ، أي: جهة ذات اليمين، وأصله أنَّ ذات اليمين صفة أقيمت مقام الموصوف؛ لأنَّها تأنيث «ذو» في قولهم: «رجلٌ ذُو مالٍ، وامرأةٌ ذات مالٍ» ؛ فكأنَّه قال: تَزاورُ عن كهفهم جهة ذات اليمين، {وَإِذَا غَرَبَت تَّقْرِضُهُمْ ذَاتَ الشمال} .

قال الكسائيُّ: قرضت المكان، أي: عدلتُ عنه.

وقال أبو عبيدة: القرض في أشياء، منها القطع، وكذلك السَّير في البلاد، إذا قطعتها؛ تقول لصاحبك: هل وردتَّ [موضع] كذا؟ فيقول المجيب: إنما قرضتهُ.

فقوله: {تَّقْرِضُهُمْ ذَاتَ الشمال} ، أي: تعدل عن سمت رؤوسهم إلى جهة الشِّمال.

ثم ها هنا قولان:

الأول: قال ابن قتيبة وغيره: كان كهفهم مستقبل بناتِ نعشٍ، لا تقع فيه الشمس عند الطُّلوع، ولا عند الغروب، ولا فيما بين ذلك وكان الهواء الطيِّب والنَّسيم الموافقُ يصل إليهم، فلا جرم بقيتْ أجسادهم مصونة عن العفونة والفساد.

والثاني: أن الله تعالى منع ضوء الشمس من الوقوع عليهم عند طلوعها، وكذا عند غروبها، وكان ذلك فعلاً خارقاً للعادة، وكرامة عظيمة، خصَّ الله بها أصحاب الكهف، قاله الزجاج، واحتجَّ على صحَّته بقوله: {ذلك مِنْ آيَاتِ الله} ولو كان الأمر كما ذكره أصحاب القول الأول، لكان ذلك أمراص معتاداً مألوفاً، ولم يكن من آيات الله تعالى.

ثم قال تعالى: {وَهُمْ فِي فَجْوَةٍ مِّنْهُ} أي متَّسعٍ من الكهف، وجمعها فجواتٌ.

قال أبو عبيدة: ومنه الحديث: فإذا وجد فجوة نصَّ.

وقال غيره: الفجوة المتَّسع من الفجاء، وهو تباعد ما بين الفخذين، يقال: رجل أفجأ، وامرأةٌ فجواء، وجمع الفجوة فجاء كقصعة وقصاع.

وقوله: {وَهُمْ فِي فَجْوَةٍ مِّنْهُ} جملة حالية، أي: نفعل هذا مع اتساع مكانهم، وهو أعجب لحالهم؛ إذ كان ينبغي أن تصيبهم الشمس لاتساع مكانهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>