قال الواحديُّ: وإنما يحسبون أيقاظاً؛ لأنَّ أعينهم مفتحةٌ، وهم نيامٌ.
وقال الزجاج: لكثرة تقلبهم يظنُّ أنهم أيقاظٌ؛ لقوله تعالى:{وَنُقَلِّبُهُمْ ذَاتَ اليمين وَذَاتَ الشمال} والرقود جمع راقدٍ، كقاعدٍ وقعود.
فصل في مدة تقليبهم
اختلفوا في مقدار مدَّة التَّقليب:
فعن أبي هريرة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْه -: «أنَّ لهم في كلِّ عام تَقْليبَتَيْنِ» وعن مجاهدٍ: يمكثون رقوداً على أيمانهم تسع سنينَ، ثم ينقلبون على شمائلهم، فيمكثون رقوداً تسع سنين.
وقيل: لهم تقليبة واحدة في يوم عاشوراء.
وقال ابن الخطيب: وهذه التقديرات لا سبيل للعقل إليها، والقرآن لا يدل عليها، وما جاء فيه خبر صحيح، فكيف يعرف؟ وقال ابن عباس: فائدة تقليبهم؛ لئلا تأكل الأرض لحومهم وتبليهم.
قال ابن الخطيب: عجبت من ذلك؛ لأنَّ الله تعالى قدر على أن يمسك حياتهم ثلاثمائة سنة وأكثر، فلم لا يقدر على حفظ أجسامهم من غير تقليب؟! .
قوله:«ونُقلِّبهُم» قرأ العامة «نُقلِّبهُم» مضارعاً مسنداً للمعظِّم نفسه.
وقرئ أيضاً بالياء من تحت، أي: الله أو الملك، وقرأ الحسن:«يُقلِبُهمْ» بالياء من تحت ساكن القاف، مخفف اللام، وفاعله، إمَّا الله أو الملكُ.
وقرأ أيضاً «وتَقَلُّبَهُم» بفتح التاء، وضمِّ اللام مشددة مصدر تقلَّب كقوله:{وَتَقَلُّبَكَ فِي الساجدين}[الشعراء: ٢١٩] ونصب الباء، وخرَّجه أبو الفتح على إضمار فعل، أي: ونرى تقلُّبهم، أو نشاهد تقلُّبهم، وروي عنه أيضاً رفع الباء على الابتداءِ، والخبر الظرف بعده،