وثلاثةٌ وخمسةٌ وسبعةٌ: مضافة لمعدودٍ محذوف، فقدَّره أبو حيان: ثلاثة اشخاص، قال:«وإنَّما قدَّرنا أشخاصاً؛ لأنَّ رابعهم اسم فاعل أضيف إلى الضمير، والمعنى: أنه ربعهم، أي: جعلهم أربعة، وصيَّرهم إلى هذا العدد، فلو قدَّرناه رجالاً، استحال أن يصيِّر ثلاثة رجالٍ أربعة؛ لاختلافِ الجنسين» وهو كلامٌ حسنٌ.
فصل
وقال أبو البقاء:«ولا يعمل اسم الفاعل هنا؛ لأنه ماض» قلت: يعني أنَّ رابعهم فيما مضى، فلا يعمل النصب تقديراً، والإضافة محضة، وليس كما زعم، فإنَّ المعنى على: يصير الكلب لهم أربعة، فهو ناصبٌ تقديراً، وإنما عمل، وهو ماضٍ؛ لحكاية الحال ك «بَاسِطٌ» .
فصل
روي أن السيِّد والعاقب وأصحابهما من نصارى نجران، كانوا عند النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فجرى ذكر أصحاب الكهف، فقال السيِّد - وكان يعقوبياً -: كانوا ثلاثة رابعهم كلبهم.
وقال العاقبُ - وكان نُسطوريًّا -: كانوا خمسة سادسهم كلبهم.
وقال المسلمون: ك انوا سبعة، وثامنهم كلبهم، فحقَّق الله قول المسلمين بعدما حكى قول النصارى، فقال:«سَيقُولونَ ثَلاثةٌ رابعهُم كَلْبهُم، ويَقُولونَ خَمسَةٌ سَادسهُمْ كَلبُهمْ رجماً بالغيب ويَقُولونَ: سَبْعةٌ وثَامنهُمْ كَلبُهمْ» .
قوله:{رَجْماً بالغيب} أي: ظنًّا وحدساً من غير يقينٍ، ولم يقل هذا في السبعة، فقال:{وَيَقُولُونَ سَبْعَةٌ وَثَامِنُهُمْ كَلْبُهُمْ} .
فصل
قال أكثر المفسرين: هذا هو الحقُّ؛ ويدلُّ عليه وجوهُ:
الأول: أنَّ الواو في قوله: {وَثَامِنُهُمْ} هي الواو التي تدخل على الجملة الواقعة صفة للنَّكرة، كما تدخل ع لى الجملة الواقعة حالاً عن المعرفة في قولك:«جَاءنِي رجلٌ، ومَعهُ آخَرُ» ومررت بزيدٍ، ومعه سيفٌ، ومنه قوله:
وفائدتها: تأكيد لصوق الصفة بالموصوف، والدلالة على أنَّ اتصافه به أمرٌ ثابتٌ مستقرٌّ، فكانت هذه الواو دالة على أنَّ الذين كانوا في الكهف كانوا سبعة وثامنهم كلبهم.
الثاني: أنه تعالى خصَّ هذا الموضع بهذا الحرف الزَّائد وهو الواو؛ فوجب أن