وقال أبو عبيدة والأخفش: بما مَنَّ الله عليكم به، وأعطاكم من نصركم على عدوكم.
وقيل: بما فتح الله عليكم أي: أنزل من العذاب ليعيركم به، ويقولون فمن أكرم على الله منكم.
وقال مجاهد والقاسم بن أبي بزّة: هذا قول يهود «قُرَيظة» بعضهم لبعض حين سبهم النبي عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام ُ فقال: «يَا إخْوَانَ القِرَدَةِ وَالخَنَازِيرِ وَعَبَدَ الطَّاغُوتِ» فَقَالُوا: من أخبر محمداً بهذا؟ ما خرج هذا إلَاّ منكم.
وقيل: الإعلام والتبيين بمعنى: أنه بيّن لكم صفة محمد عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام ُ.
فصل في إعراب الآية
قد تقدّم على نظير قوله:«وإذ لَقُوا» في أول السورة وهذه الجملة الشرطية تحتمل وجهين:
أحدهما: أن تكون مستأنفة كاشفة عن أحوال اليهود والمنافقين.
والثاني: أن تكون في محلّ نصب على الحال معطوفة على الجملة الحالية قبلها وهي: «وَقَدْ كَانَ فَرِيقٌ» والتقدير: كيف تطمعون في إيمانهم وحالهم كيت وكيت؟
وقرأ ابن السّميفع:«لَاقوا» وهو بمعنى «لقوا» فَاعَل بمعنى فَعِل نحو: «سافر» وطارقت النعل:
وأصل «خلا» : «خَلَو» قلبت الواو ألفاً لتحركها وانفتاح ما قبلها، وتقدم معنى «خلا» و «إلى» في أول السورة.
قوله:{بِمَا فَتَحَ الله} متعلق ب «التحديث» قبله، و «ما» موصولة بمعنى «الذي» والعائد محذوف، أي: فتحه.
وأجاز أبو البَقَاءِ أن تكون نكرة موصوفة أو مصدرية، أي: شيء فتحه، فالعائد محذوف أيضاً، أو بِفَتْحِ الله عليكم.
وفي جعلها مصدرية إشكال من حيث إنَّ الضمير في قوله بعد ذلك:«لِيُحَاجُّوكُمْ بِهِ» عائد على «ما» و «ما» المصدرية حرف لا يعود عليها ضمير على المشهورن خلافاً للأخفش، وأبي بكر بن السراج، إلاّ أن يُتَكَلّف فيقال: الضمير يعود على المصدر المفهوم من قوله: «أَتُحَدِّثُونَهُمْ» أو من قوله: «فتح» ، أي: ليحاجُّوكم بالتحديث الذي حدّثتموهم، أو بالفتح الذي فتحه الله عليكم.