قيل: ما لأصحاب الكهف من دون الله وليٌّ؛ فإنَّه هو الذي يتولَّى حفظهم في ذلك النَّوم الطَّويل.
وقيل: ليس لهؤلاءِ القوم المختلفين في مدَّة لبث أصحاب الكهف وليٌّ من دون الله، يتولَّى أمرهم، ويقيم لهم تدبير أنفسهم، فإذا كانوا محتاجين إلى تدبير الله وحفظه، فكيف يعلمون هذه الواقعة من غير إعلامه؟! .
فصل
واختلفوا في زمن أصحاب الكهف وفي مكانهم، فقيل: كانوا قبل موسى - عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام ُ - وأنَّ موسى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ ذكرهم في التَّوراة، فلهذا سأل اليهودُ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ عن قصَّتهم.
وقيل: دخلوا الكهف قبل المسيح، وأخبر المسيحُ بخبرهم، ثم بعثوا في الوقت الذي بين عيسى، وبين محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ.
وقيل: إنَّهم دخلوا الكهف بعد الميسح، حكى هذا القول القفَّال عن محمد بن إسحاق، وذكر أنهم لم يموتوا، ولا يموتون إلى يوم القيامة.
وأمَّا مكان الكهف، فحكى القفَّال عن محمد بن موسى الخُوارزميِّ المنجم: أن الواثق أنفذه؛ ليعرف حال أصحاب الكهف من ملك الرُّوم، قال: فوجَّه ملكُ الرُّوم معي أقواماً إلى الموضع الذي يقال إنهم فيه.
وقيل: إنَّ الرجل قال: إنَّ الرجل الموكَّل بذلك الموضع فزَّعني من الدُّخول عليهم، قال: فدخلت فرأيت الشُّعور على صدورهم.
قال: وعرفت أنَّ ذلك تمويهٌ واحتيالٌ، وأنَّ الناس كانوا قد عالجوا تلك الجثث بالأدوية المجففة؛ لتصونها عن البلاء؛ كالتلطيخ بالصَّبر وغيره.
قال القفَّال: والذي عندنا أنَّ موضع أصحاب الكهف لا يعرف، ولا عبرة بقول أهل الرُّوم، وذكر الزمخشري عن معاوية «أنَّه لما غزا الرُّومَ، فمرَّ بالكهف، فقال: لو كشف عن هؤلاء، ننظر إليهم، فقال له ابن عباس: أيُّ شيءٍ لك في ذلك؟ قد منع الله من هو خيرٌ منك، فقال:{لَو اطَّلعتَ عَليْهِمْ، لولَّيتَ مِنهُمْ فِراراً، ولمُلِئْتَ مِنهُمْ رُعْباً} .
فقال: لا أنتهي عن ذلك، حتَّى أعلم حالهم، فبعث أناساً، فقال: اذهبوا، فانظروا، فلما دخلوا الكهف بعث الله عليهم ريحاً، [فأخرجتهم] » .
فصل
قال ابن الخطيب: والعلم بذلك الزَّمان، وذلك المكان، ليس للعقل فيه مجالٌ،