على الأظهر كما تقدم، فيلزم الفَصْل به بين العامل وهو «فتح» وبين معمول وهو عند ربك وذلك لا يجوز؛ لأنه أجنبي منهما.
قوله: «أَفَلَا تَعْقِلُونَ» في هذه الجملة قولان:
أحدهما: أنها مندرجة في حَيِّز القول، أي: إذا خَلَا بعضهم ببعض قالوا لهم: أتحدثونهم بما يرجع وَبَاله عليكم وصِرْتُم محجوجين به، أفلا تعقلون أن ذلك لا يليق، وهذا أظهر لأنه من تمام الحكاية عنهم، فَعَلَى هذا محلها النصب.
والثاني: أنها من خطاب الله تعالى للمؤمنين، وكأنه قدح في إيمانهم، لقوله: {أَفَتَطْمَعُونَ أَن يُؤْمِنُواْ لَكُمْ} [البقرة: ٧٥] قاله الحسن.
فعلى هذا لا محلّ له، ومفعول «تعقلون» يجوز أن يكون مراداً، ويجوز ألاّ يكون.
قوله: «أَوَلَا يَعْلَمُونَ أَنَّ اللهَ» تقدم أن مذهب الجمهور أن النّية بالواو والتقديم على الهمزة؛ لأنها عاطفة، وإنما أخزت عنها، لقوة همزة الاستفهام، وأن مذهب الزمخشري تقدير فعل بعد الهمزة و «لا» للنفي.
و «أَنَّ اللهَ يَعْلَمُ» في محلّ نصب وفيها حينئذ تقديران:
أحدهما: أنها سادّة مسدّ مفرد إن جعلنا «علم» بمعنى «عرف» .
والثاني: أنها سادّة مسدّ مفعولين إن جعلناها متعدية لاثنين ك «ظننت» ، وقد تقدم أن هذا مذهب سيبويه والجمهور، وأن الأخفش يدعي أنها سدّت مسدّ الأول، والثاني محذوف. و «ما» يجوز أن تكون بمعنى «الذي» ، وعائدها محذوف، اي: ما يسرونه ويعلنونه، وأن تكون مصدرية، أي يعلم سرهم وعلانيتهم. [والسر] والعلانية يتقابلان.
وقرأ ابن محيصن «تسرون» و «تعلنون» بالتاء على الخطاب.
فصل في أن المراد بالسؤال هو التخويف والزجر
في الآية قولان:
الأول: وهو قول الأكثرين أن اليهود كانوا يعرفون أن الله يعلم السّر والعلانية، فخوّفهم به.
والثاني: أنهم ما علموا بذلك، فرغبهم بهذا القول في أن يتفكّروا، فيعرفوا أن