و «أُمِّيُّونَ» جمع «أمّي» وهو من لا يَكْتب ولا يَقْرأ.
واختلف في نسبته فقيل: إلى «الأمّ» وفيه معنيان:
أحدهما: أنه بحال أُمّه التي ولدته من عدم معرفة الكتابة، وليس مثل أبيه؛ لأن النساء ليس من شُغْلهن الكتابة.
والثاني: أنه بحاله التي ولدته أمه عليها لم يتغير عنها، ولم ينتقل.
وقيل: نسب إلى «الأُمَّة» وهي القَامَة والخِلْقَة، بمعنى أنه ليس له من النَّاس إلا ذلك.
وقيل: نسب إلى «الأُمَّة» على سَذَاجتها قبل أن يَعْرِف الأشياء، كقولهم: عامي أي: على عادة العامة.
وعن ابن عَبَّاس: «قيل لهم: أميون؛ لأنهم لم يصدقوا بأم الكتاب» .
وقال أبو عبيدة: «قيل لهم: أُميون، لإنْزَال الكتاب عليهم، كأنهم نسبوا لأم الكتاب» .
وقرأ ابن أبي عَبْلة: «أُمِّيُون» بتخفيف الياء كأنه استثقل توالي تضعيفين.
وقيل: الأمي: من لا يُقِرّ بكتاب ولا رسول.
قوله: «لَا يَعْلَمُونَ» جملة فعلية في محلّ رفع صفة ب «أميون» ، كأنه قيل: أميون غير عالمين.
قوله: «إلَاّ أَمَانِيَّ» هذا استثناء منقطع؛ لأن «الأماني» ليست من جنس «الكتاب» ، ولا مندرجة تحت مدلوله، وهذا هو المُنْقطع، ولكن شرطه أن يتوهّم دخوله بوجه ما، كقوله: {مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلَاّ اتباع الظن} [النساء: ١٥٧] وقوله النَّابغة: [الطويل]
٦٠١ - حَلَفْتُ يَمِيناً غَيْرَ ذِي مَثْنَوِيَّةِ ... وَلَا عِلْمَ إِلَاّ حُسْنَ ظَنٍّ بِصَاحِبِ
لأن بذكر العلم اسْتُحضِر الظن، ولهذا لا يجوز: صَهَلَتِ الخيل إلَاّ حماراً.
واعلم أن المنقطع على ضربيين: ضرب يصحّ توجه العامل عليه، نحو: جاء القوم إلاّ حماراً.
وضرب لا يتوجه نحو ما مثل به النحاة: «ما زاد إلا ما نقص» ، و «ما نفع إلا ما ضر» فالأول فيه لُغتَان: لغة «الحجاز» وجوب نصبه، ولغة «تميم» أنه كالمتّصل، فيجوز فيه بعد النفي وشبهه النصب والإتباع.