للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

يمكنه بعد البلوغ استخراج ذلك الكنز ومعرفته والانتفاع به؟ .

الجواب: لعل اليتيمين كانا جاهلين به إلَاّ أن وصيَّهما كان عالماً به، إما أن ذلك الوصيَّ غاب، وأشرف ذلك الجدار في غيبته على السُّقوطِ، ثم قال: «فأرادَ ربُّك أن يبلغا أشدَّهُما» أي: يبلغا ويعقلا، وقيل: يدركا شدَّتهما وقوتهما.

وقيل: ثماني عشرة سنة، ويستخرجا حينئذ كنزهما «رحْمةً من ربِّك» أي: نعمة من ربِّك.

وفي نصب «رَحْمَةً» ثلاثة أوجه:

أظهرها: أنه مفعول له.

الثاني: أن يكون في موضع الحال من الفاعل، أي: أراد ذلك راحماً، وهي حالٌ لازمة.

الثالث: أن ينتصب انتصاب المصدر؛ لنَّ معنى «فاراد ربُّك أن يبلغا» معنى: «فرحمهما» ثم قال: وما فعلتهُ عن أمْرِي «أي: ما فعلته باختيارِي ورأيي، بل فعلتهُ بأمر الله وإلهامه، بأنَّ الإقدامَ على تنقيص أموالِ النَّاسِ وإراقةِ دمائهم، لا يجوز إلَاّ بالوحي والنفي القاطع،» وذلِكَ تأويلُ ما لمْ تَسْطِع عليه صبراً «أي: لم تطقْ عليه صبراً.

قوله: «تَسْطِعْ» قيل أصله «اسْتطاعَ» فحذفت تاء الافتعال، وقيل: المحذوف الطاء الأصلية، ثم أبدلت تاءُ الافتعال طاء بعد السِّين، وهذا تكلف بعيدٌ.

وقيل: السِّين مزيدة عوضاً من قلب الواو ألفاً، والأصل: أطاع، ولتحقيق القول فيه موضعٌ غير هذا، ويقال: استتاع - بتاءين، واستاع - بتاء واحدة، فهذه أربع لغاتٍ حكاها ابن السِّكيتِ.

فصل

اعلم أنَّ أحكام الأنبياء - عليهم السلام - مبنيةٌ على الظواهر؛ كما قال - عليه السلام -: «نَحْنُ نحكمُ بالظَّاهرِ والله يتولَّى السَّرائرَ» وهذا العالم ما كانت أحكامه مبنية على ظواهر

<<  <  ج: ص:  >  >>