للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

والثاني: أنها منصوبةُ المحلِّ، فقدَّرهُ أبو البقاء ب «أفْعَلُ» مثل ما طلبتَ، وهو كنايةٌ عن مطلوبه، فجعل ناصبه مقدَّراً، وظاهره أنه مفعولٌ به.

وقال الزمخشريُّ: «أو نصب ب» قَالَ «و» ذَلِكَ «إشارةٌ إلى مُبْهم يفسره» هُو عليَّ هيِّنٌ «، ونحوه:

{وَقَضَيْنَآ إِلَيْهِ ذَلِكَ الأمر أَنَّ دَابِرَ هَؤُلآءِ مَقْطُوعٌ مُّصْبِحِينَ} [الحجر: ٦٦] . وقرأ الحسن «وهُوَ عليَّ هيِّنٌ» ، ولا يخرَّج هذا إلا على الوجه الأول، أي: الأمرُ كما قلت، وهو على ذلك يُهونُ عليَّ.

وجهٌ آخرُ: وهو أن يُشارَ ب «ذَلِكَ» إلى ما تقدَّم من وعد الله، لا إلى قولِ زكريَّا، و «قَالَ» محذوفٌ في كلتا القراءتين. يعني قراءة العامَّة وقراءة الحسنِ - أي: قال: هُوَ عليَّ هيِّنٌ، قال: وهُوَ عليَّ هيِّنٌ، وإن شئت لمْ تنوهِ؛ لأنَّ الله هو المخاطب، والمعنى أنه قال ذلك، ووعدهُ وقوله الحقُّ «.

وفي هذا الكلام قلقٌ؛ وحاصله يرجع إلى أنَّ» قال «الثانية هي الناصبةُ للكاف.

وقوله:» وقَالَ محذوفٌ «يعني تفريعاً على أنَّ الكلام قد تمَّ عند» قال ربُّك «ويبتدأ بقوله:» هُوَ عليَّ هيِّنٌ «. وقوله:» وإنْ شِئْتَ لمْ تَنْوهِ «، أي: لم تَنْوِ القول المقدَّر؛ لأنَّ الله هو المتكلِّمُ بذلك.

وظاهرُ كلام الطبريُّ:» ومعنى قوله «قال كذلكَ» أي: الأمران اللذان ذكرت من المرأةِ العاقر والكبرِ هو كذلك، ولكن قال ربُّك، والمعنى عندي: قال الملكُ: كذلك، أي: على هذه الحال، قال ربُّك، هو عليَّ هيِّنٌ «انتهى.

وقرأ الحسن البصري» عَلَيَّ «بكسر ياء المتكلم؛ كقوله [الطويل]

٣٥٨٢ - أ - عَليِّ لعمرٍو نِعْمَةٍ ... لِوَالِدِهِ ليْسَتْ بذاتِ عقَارِبِ

أنشدوه بالكسر. وتقدم الكلام على هذه المسألة في قراءة حمزة» بمُصْرِخيِّ « [إبراهيم: ٢٢] .

قوله:» وقَدْ خلقْتُكَ «هذه الجملة مستأنفةٌ، وقرأ الأخوان» خَلقْنَاكَ «أسنده إلى الواحد المعظِّمِ نفسهُ، والباقون» خلقْتُك «بتاء المتكلِّم.

وقوله:» ولَمْ يَكُ شَيْئاً «جملةٌ حاليةٌ، ومعنى نفي كونه شيئاً، أي: شيئاً يعتدُّ به؛ كقوله: [البسيط]

<<  <  ج: ص:  >  >>