للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

وقرأ محمدُ بنُ كعب القرظيُّ» نِسْئاً «بكسر النون، والهمزةُ بدل الياء، وروي عنه أيضاً، وعن بكر بن حبيب السهميِّ فتحُ النون مع الهمزة، قالوا: وهو من نسأتُ اللَّبن، إذا صببت فيه ماءً، فاستهلك فيه، فالمكسورُ أيضاً كذلك الشيء المستهلك، والمفتوحُ مصدرٌ؛ كما كان ذلك من النِّسيانِ.

ونقل ابن عطيَّة عن بكر بن حبيبٍ» نَساً «بفتح النون، والسين، والقصر؛ ك» عَصاً «، كأنه جعل فعلاً بمعنى مفعولٍ؛ كالقبضِ بمعنى المقبوض.

و «منْسِيًّا» نعتٌ على المبالغة، وأصله «مَنْسُويٌ» فأدغم، وقرأ أبو جعفرٍ، والأعمشُ «مِنْسيًّا» بكسر الميم؛ للاتباع لكسرة السين، ولم يعتدُّوا بالساكن؛ لأنه حاجزٌ غير حصينٍ؛ كقولهم: «مِنْتِنٌ» و «مِنْخِرٌ» ، والمقبرة والمحبرة.

قوله تعالى: {فَنَادَاهَا مِن تَحْتِهَآ} : قرأ الأخوان، ونافع، وحفص بكسر ميم «مِنْ» وجرِّ «تحتها» على الجار والمجرور، والباقون بفتحها، ونصب «تحتها» فالقراءةُ الأولى تقتضي أن يكون الفاعلُ في «نَادَى» مَكراً، وفيه تأويلان:

أحدهما: هو جبريلُ، ومعنى كونه «مِنْ تحتها، أنه في مكانٍ أسفل منها؛ ويدلُّ على ذلك قراءةُ ابن عبَّاس» فناداها ملكٌ من تحتها «فصرَّح به.

ومعنى كونه أسفل منها: إما أن يكونا معاً في مكانٍ مستوٍ، وهناك مبدأ معيَّنٌ، وهو عند النَّخْلة، وجبريلُ بعيدٌ عنها، فكل من كان أقرب، كان فوق، وكُلُّ من كان أبعد، كان تحت، وبهذا فَسَّر الكلبيُّ قوله تعالى: {إِذْ جَآءُوكُمْ مِّن فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنكُمْ} [الأحزاب: ١٠] .

ولهذا قال بعضهم: ناداها من أقصى الوادي.

وقيل: كانت مريم على أكمةٍ عاليةٍ، وجبريل أسفل؛ قاله عكرمة.

ورُوِيَ عن عكرمة: أنَّ جبريل ناداها من تحتِ النخْلَة.

و» مِنْ تَحْتهَا «على هذا فيه وجهان:

أحدهما: أنه متعلِّقق بالنداء، أي: جاء النداء من هذه الجهة.

والثاني: أنه حالٌ من الفاعل، أي: فناداها، وهو تحتها.

وثاني التأويلين: أنَّ الضمير لعيسى، أيك فناداها المولودُ من تحتِ ذيلها، والجارُّ

<<  <  ج: ص:  >  >>