والجَنِيُّ: ما طاب، وصلح للاجتناء، وهو «فَعِيلٌ» بمعنى مفعول أي رُطَباً مَجنيًّا، وقيل: بمعنى فاعلٍ، أي: طريًّا، والجنى والجنيُّ أيضاً: المُجْتَنَى من العسلِ، وأجْنَى الشَّجَرُ: أدْرَكَ ثمرهُ، وأجنتِ الأرضُ: كَثُرَ جناها، واستعير من ذلك «جنى فلانٌ جنايةً» كما استعير «اجْتَرَمَ جَريمَةً» .
فصل في معنى الآية
المعنى جمعنا لك بين الشُّرب والأكل.
قال عمروُ بنُ ميمُون: ليس شيءٌ خيرٌ من الثَّمر والرُّطب، ثم تلا هذه الآية.
وقال بعضُ العلماءِ: أكْلُ الرُّطبِ والثَّمرةِ للمرأةِ الَّتي ضربها الطَّلق يُسَهِّل عليها الولادة.
قال الرَّبيعُ بنُ خيثمٍ «ما للنُّفساءِ عندي خيرٌ من الرُّطب، ولا للمرضِ خيرٌ من العسل.
قالت المعتزلةُ: هذه الأفعال الخارقةُ للعادةِ كانت معجزة لزكريَّا وغيره من الأنبياء؛ وهذا باطلٌ؛ لأنَّ زكريَّا - صلوات الله عليه وسلامه - ما كان له علمٌ بحالها ومكانها، فكيف بتلك المعجزات؟ بل الحقُّ أنها كانت كراماتٍ لمريم، أو إرهاصاً لعيسى - صلوات الله عليهما -، لأنَّ النَّخلة لم تكُن مثمرةً، إذا ذاك؛ لأن ميلادهُ كان في زمان الشتاء، وليس ذاك وقت ثَمر.
قوله تعالى:{وَقَرِّي عَيْناً} : نصب» عًيْناً «على التمييز منقولٌ من الفاعل؛ إذ الأصل: لتقرَّ عينُك، والعامَّة على فتح القاف من» قَرِّي «أمراً من قرَّت عينهُ تَقَرَّ، بكسر العين في الماضي، وفتحها في المضارع.
وقُرئ بكسر القاف، وهي لغةُ نجدٍ؛ يقولون: قرَّت عينهُ تقرُّ، بفتح العين في الماضي، وكسرها في المضارع، والمشهورُ: أن مكسور العين في الماضي ل «العَيْنِ» ، والمفتوحها في «المَكَان» يقال: قررتُ بالمكانِ اقرُّ به، وقد يقال: قررتُ بالمكانِ بالكسر، وسيأتي ذلك في قوله تعالى {وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ}[الأحزاب: ٣٣] .
وفي وصف العين بذلك تأويلان «
أحدهما: أنَّه مأخوذٌ من» القُرّ «وهو البردُ: وذلك أنَّ العين، إذا فرح صاحبها، كان دمُعها قارًّا، بارداً، وإذا حزن، كان حارًّا؛ ولذلك قالوا في الدعاء عليه:» أسْخَنَ اللهُ عيْنَهُ «وفي الدعاء له:» أقر اللهُ عيْنه «وما أحلى قول أبي تمَّام - رَحِمَهُ اللَّهُ تعالى -: [الطويل]