أحدهما: أن تكون متّصلة، فتكون للمعادلة بين الشيئين، أي: أيّ هذين واقع، وأخرجه مُخْرج المتردّد فيه، وإن كان قد علم وقوع أحدهما، وهو قولهم على الله مالا يعلمون للتقرير، ونظيره:{وَإِنَّآ أَوْ إِيَّاكُمْ لعلى هُدًى أَوْ فِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ}[سبأ: ٢٤] علم أيهما على هدى، وأيهما في ضلال، وقد عرف شروط المتصلة أول السورة.
ويجوز أن تكون منقطعة، فتكون غير عاطفة، وتقدر ب «بل» والهمزة، والتقدير: بل أتقولون، ويكون الاستفهام للإنكار؛ لأنه قد وقع القول منهم بذلك، هذا هو المشهور في «أم» المنقطعة، وزعم جماعهة أنها تقدر ب «بل» وحدها دون همزة استفهام، فيعطف ما بعدها [على ما قبلها] في الإعراب؛ واستدّل عليه بقولهم:«إن لنا إبلاً أَمْ شَاءً» بنصب «شَاءً» وقول الآخر: [الطويل]
التقدير: بل في جهنَّم، ولو كانت همزة الاستفهام مقدَّرةً بعدها لوجب الرفع في «شاء» ، و «جهنم» على أنها خبر لمبتدأ محذوف، وليس لقائل أن يقول: هي في هذين الموضعين مُتَّصلة لما عرف أن من شرطها أن تتقدّمها الهمزة لفظاً أو تقديراً، ولا يصلح ذلك هنا.
قوله:«مَا لَا تَعْلَمُونَ» ما منصوبة ب «تقولون» ، وهي موصولة بمعنى «الذي» أو نكرة موصوفة، والعائد على كلا القولين محذوف، أي: ما لا تعلمونه، فالجملة لا محلّ لها على القول الأول، ومحلّها النصب على الثاني.
فصل في الاستدلال بالآية على أمور
الآية تدلّ على أمور:
أحدها: أن القول بغير دليل باطل.
الثاني: ما جاز وجوده وعدمه عقلاً لم يجز المصير إلى الإثبات أو إلى النفي إلَاّ بدليل سمعي.
الثالث: تمسّك منكرو القياس وخبر الواحد بهذه الآية، قالوا: لأن القياس وخبر الواحد لا يفيدان العلم، فهو قول على الله بما لا يعلم.