قالَ» يقالُ يَقُولُ قَوْلاً وقُولاً؛ كالرَّهْبِ، والرُّهْب، وقال أبو البقاء:«والقَالُ: اسمٌ للمصدر؛ مثلُ: القِيلِ، وحُكِيَ» قُولُ الحقِّ «بضمّ القاف؛ مثل» الرُّوحِ «وهي لغةٌ فيه» . قال شهاب الدين: الظاهرُ أنَّ هذه مصادرُ كلُّها، ليس بعضها اسماً للمصدر، كما تقدَّم تقريره في الرَّهْبِ والرَّهَبِ والرُّهْبِ.
وقرأ طلحةُ والأعمشُ «قالَ الحقُّ» جعل «» قَالَ «فعلاً ماضياً، و» الحَقُّ «فاعلٌ، والمرادُ به الباري تعالى، أي: قَالَ الهُ الحَقُّ: إنَّ عيسى هو كلمةُ الله، ويكونُ قوله» الَّذِي فيهِ يَمْتُرُونَ «خبراً لمبتدأ محذوف.
وقرأ عليُّ بنُ أبي طالب - كرم الله وجهه - والسلميُّ، وداودُ بنُ أبي هندٍ، ونافعٌ، والكسائيُّ في رواية عنهما [» تَمْتَرُونَ «بتاء] الخطاب، والباقون بياءِ الغيبة، وتَمْتَرُون: تَفْتَعِلُون: إمَّا من المريةِ، وهي الشَّكُّ، وإمَّا من المراء، وهو الجدالُ.
وتقدَّم الكلامُ على نصب «فَيَكُونَ» .
فصل فيما تشير إليه «ذلك»
«ذَلِكَ» إشارةٌ إلى ما تقدَّم.
قال الزَّجَّّاج - رَحِمَهُ اللَّهُ -، أي: ذلك الذي قال: {إِنِّي عَبْدُ الله}[مريم: ٣٠] عيسى ابن مريم إشارةٌ إلى أنَّه ولدُ هذه المرأة، لا أنَّه ابنُ الله [كما زعمت النصارى] .
وقوله:{الذي فِيهِ يَمْتُرُونَ} ، أي: يختلفوُن، وأما امتراؤهُم في عيسى، فقائلٌ يقُولُ: هو ابنُ الله، وقائلٌ يقولُ: هو الله، وقائل يقُولُ: هو ساحرٌ كاذبٌ، وتقدَّم الكلامُ على ذلك في آل عمران.
ورُوِيَ أن عيسى - صلوات الله عليه - لمَّا رفع، حضر أربعةٌ من [أكابر] علمائهم، فقيل للأوَّل: ما تُقولُ في عيسى؟ قال: هو الله هبط إلى الأرض، خلق، وأحيى، ثم صعد إلى السَّماء، فتبعهُ على ذلك خلقٌ، وهم اليَعْقُوبيَّةُ، وقيل للثاني: ما تقوُلُ؟ قال: هو ابنُ الله، فتابعهُ على ذلك ناسٌ، وهم النسطورية، [وقيل للثالث: ما تقول؟ قال: هو غله، والله إله، فتابعه على ذلك أناس، وهم الاسرائيلية] ، وقيل للرابع: ما تقولُ. فقال: عبدُ الله ورسولهُ، وهو المؤمنُ المُسْلم، وقال: أما تعلمُونَ أنَّ عيسى كان يطعمُ، ونيام، وأنَّ الله تعالى لا يجُوزُ ذلك عليه، فخصمهم.
قوله تعالى:{مَا كَانَ للَّهِ أَن يَتَّخِذَ مِن وَلَدٍ} نفى عن نفسه الولد، أي: ما كان من نعته اتخاذ الولد.