للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

قيل: كان يبدأ بأهله في الأمر للعبادة، ليجعلهم قٌدوة لمن سواهُم؛ كما قال تعالى: {وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الأقربين} [الشعراء: ٢١٤] {وَأْمُرْ أَهْلَكَ بالصلاة} [طه: ١٣٢] {قوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ} [التحريم: ٦] ، أمَّا الزكاةُ، فعن ابن عبَّاس - رَضِيَ اللَّهُ عَنْه - أنَّها طاعةُ الله، والإخلاصُ؛ فكأنَّه تأوَّله على ما يزكُو به الفاعلُ عند ربِّه، والظاهرُ: أنَّه إذا قُرنتِ الصَّلاة بالزَّكاة: أن يُرَاد بها [الصدقات] الواجبةُ.

قوله تعالى: {وَكَانَ عِندَ رَبِّهِ مَرْضِيّاً} قائماً بطاعته.

وقيل: رضيه لنبوته ورسالته.

والعامَّةُ على قراءته كذلك معتلاًّ وأصله مَرْضُووٌ، بواوين: الأولى زائدةٌ؛ كهي في مضروبٍ: والثانية: لام الكلمة؛ لأنه من الرِّضوان، فأعلَّ بقلب الواو [ياءً، وأدغمت] الأخيرةُ ياءً، واجتمعت الياءُ والواوُ ياءً، وأدغمت، ويجوز النطقُ بالإصلِ، وقد تقدَّم تحريرُ هذا.

وقرأ ابن أبي عبلة بهذا الأصل، وهوالأكثرُ؛ ومن الإعلالِ قوله: [الطويل]

٣٦٠٩ - لقَدْ عَلِمَتْ عرسِي مُلَيْكَةُ أنَّنِي ... أنَا المرءُ مَعْدِيًّا عليْهِ وعَاديَا

وقالوا: أرضٌ مسنيَّةٌ، ومسنُوَّةٌ، أي: مسقاة بالسَّانيةِ.

قوله تعالى: {واذكر فِي الكتاب إِدْرِيسَ} الآية إدريسُ هو جدُّ أبي نوحٍ - صلوات الله عيله وسلامه - وهو نوحُ بنُ لمك بن متوشلخ بن أخنوخ، وهو إدريس - عليه السلام -.

قيل: سُمِّي «إدريسَ» لكثرة دراسة الكُتُب، وكان خيَّاطاً، وهو أوَّلُ من خطَّ بالقلم، وخاط الثِّياب، ولبس المخيطَ، وكان قبلهُ يلبسُون الجُلُود، وأوَّل من اتَّخذ السِّلاح، وقاتل الكُفَّار، وأوَّلُ من نظر في علم الحساب {إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقاً نَّبِيَّاً} .

{وَرَفَعْنَاهُ مَكَاناً عَلِيّاً} .

قيل: يعني في الجنَّةِ، وقيل: هي الرِّفعة بعُلُوِّ الرُّتْبَة في الدُّنيا؛ كقوبه تعالى {وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ} [الشرح: ٤] وقيل: إنَّه رفع إلى السماءِ؛ روى أنسُ بن مالكٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْه - عن مالك بن صعصعة، عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ أنَّه رأى إدريسَ - صلوات الله عليه - في السماءِ الرَّابعةِ، ليلة المعراج وكان سببُ رفع إدريس على ما قاله «كَعْبٌ» وغيره - أنَّهُ [

<<  <  ج: ص:  >  >>