فصل
اعلم أنَّه تعالى أثنى على كل واحدٍ ممَّن تقدم ذكرهُ [من الأنبياء] ، بما يخُصُّه من الثناء، ثمَّ جمعهم آخراً؛ فقال تعالى: {أولئك الذين أَنْعَمَ الله عَلَيْهِم} أي: بالنبوَّةِ، وغيرها، و «أولئِكَ» إشارةٌ إلى المذكورين في هذه السورة من «زكريَّا» إلى «إدريس» - صلوات الله عليهم - ثمَّ جمعهُم في كونهم من ذرية آدم.
ثُمَّ خصَّ بعضهم بأنهم من ذريَّةِ آدمَ، ممَّن حمله مع نُوحِ، ومنهم من هو من ذرية آدم، دثون من حمله مع نوحٍ؛ وهو إدريسُ - عليه السلام - فقد كان سابقاً على نُوحٍ.
والذين هم من ذُريَّة من حمل مع نوحٍ، وهو «إبراهيمُ» ؛ لأنَّه [ولدُ] سام بن نُوح، وإسماعيلُ، وإسحاقُ، ويعقوبُ من ذريةِ إبراهيم.
ثم خصَّ بعضهم أنه من ولد إسرائيل، أي: يعقوب، وهم: مُوسَى، وهارونُ، وزكريَّا، ويحيى، وعيسى؛ من قبل الأمِّ.
فرتَّب الله تعالى أحوال الأنبياء الذين ذكرهم على هذا الترتيب؛ منبهاً بذلك على أنَّهم كما فُضِّلُوا بأعمالهم، فلهم منزلةٌ في الفضل بولادتهم من هؤلاء الأنبياء.
ثُمَّ بيَّن أنَّهم ممَّن هدينا، واجتبينا؛ منبِّهاً بذلك على أنَّهُم خُصُّوا بهذه المنازِلِ؛ لهداية الله تعالى لهمُ، ولأنَّهم اختارهم للرسالةِ.
قوله: «إذا تُتْلى» جملةٌ شرطيةٌ فيها قولان:
أظهرهما: أنها لا محلَّ لها؛ لاستئنافها.
والثاني: أنها خبرُ «أولئكَ» والموصولُ قبلها صفةٌ لاسم الإشارة، وعلى الأول؛ يكونُ الموصول نفس الخبر.
وقرأ العامَّةُ «تُتْلَى» بتاءين من فوق، وقرأ عبدُ الله، وشيبةُ، وأبو جعفرٍ، وابنُ كثير، وابن عامرٍ، وورشٌ عن نافعٍ في رواياتٍ شاذةٍ: بالياء أوَّلاً من تحت، والتأنيثُ مجازيٌّ؛ فلذلك جاز في الفعل الوجهان.
قوله تعالى: «سُجَّداً» حالٌ مقدرةٌ؛ قال الزجاج: «لأنهم وقت الخُرُورِ ليسُوا سُجَّداً» .
و «بُكِيًّا» فيها وجهان «
أظهرهما: أنه جمعُ باكٍ، وليس بقياس، بل قياسُ جمعه على فعلة؛ كقاضٍ