قال المفسرون: مَدَّ له الرحمن، أي: أمهله، وأملى له في الأمر، فأخرج على لفظ الأمر ومعناه الخبر، أي: يدعه في طغيانه، ويمهله في كفره {حتى إِذَا رَأَوْاْ مَا يُوعَدُونَ إِمَّا العذاب} وهو الأسر، والقتل في الدنيا، و «إمَّا السَّاعةَ» يعني القيامة، فيدخلون النار.
وقوله:«وإمَّا السَّاعة» يدلُّ على أنَّ المراد بالعذاب عذاب يحصل قبل يوم القيامة، فيحتمل أن يكون المراد به الأسر والقتل كما تقدم، ويحتمل أن يكون عذاب القبر، ويمكن أن يكون تغير أحوالهم من العز إلى الذُّل، ومن الغنى إلى الفقر، ومن الصحة إلى المرض، ومن الأمن إلى الخوف. «فَسَيَعْلمُونَ» عند ذلك «مَنْ هُو شرٌّ مكاناً» منزلاً، «وأضْعَفُ جُنْداً» أقل ناصراً، لأنَّهم في النار والمؤمنون في الجنة، وهذا ردٌّ عليهم في قولهم:«أيُّ الفريقَيْن خيرٌ مَقَاماً وأحْسَنُ نَدِيًّا» .
قوله:" ويزيد الله " في هذه الجملة وجهان:
أحدهما: أنها لا محل لها، لاستئنافها، فإنها سيقت للإخبار بذلك.
وقال الزمخشري: إنها معطوفة على موضع " فليمدد "، لأنه واقع موقع الخبر، تقديره من كل في الضلالة يمد له الرحمن مدا ويزيد، أي: في ضلالهم بذلك المد.
قال أبو حيان: ولا يصح أن يكون " ويزيد " معطوفا على " فليمدد " سواء كان دعاء أو خبرا بصورة الأمر؛ لأنه في موضع الخبر إن كانت " من " موصولة، أو في موضع الجواب إن كانت " من " شرطية وعلى كلا التقديرين فالجملة من قوله " ويزيد الله الذين اهتدوا هدى " عارية من ضمير يعود على " من " يربط جملة الخبر بالمبتدأ، أو جملة الشرط بالجزاء، " الذي هو " فليمدد "، وما عطف عليه، لأن المعطوف على الخبر خبر، والمعطوف على جملة الجزاء " جزاء، وإذا كانت أداة الشرط اسما لا ظرفا تعين أن يكون في جملة الجزاء ضميره أو ما يقوم مقامه، وكذا في الجملة المعطوفة عليها.