قوله تعالى:{واتخذوا مِن دُونِ الله} الآية. لمَّا تكلَّم في مسألة الحشر والنشر تكلَّم الآن في الرد على عُبَّاد الأصنام فقال:{واتخذوا مِن دُونِ الله آلِهَةً} يعني كفار قريش اتخذوا الأصنام آلهة يعبدونها «ليكُونُوا لَهُمْ عِزًّا» أي منعة بحيث يكونون لهم شفعاء وأنصاراً ينقذونهم من الهلاك. ثم أجاب الله - تعالى - بقوله:«كَلَاّ» ليس الأمر كما زعموا {سَيَكْفُرُونَ بِعِبَادَتِهِمْ} أي: «كُلُّهم سيكفُرُون بعبادِة» هذه الأوثان.
قوله:«سَيَكْفرُونَ» يجوز أن يعود الضمير على الالهة، لأنه أقرب مذكور، ولأن الضمير في «يَكونُونَ» أيضاً عائد عليهم فقط، ومثله {وَإِذَا رَأى الذين أَشْرَكُواْ شُرَكَآءَهُمْ}[النحل: ٨٦] ثم قال {فَألْقَوْا إِلَيْهِمُ القول إِنَّكُمْ لَكَاذِبُونَ}[النحل: ٨٦] .
قيل: أراد بذلك الملائكة، لأنهم يكفرون بعبادتهم «ويتبرءون منهم» ويخاصمونهم وهو المراد بقوله: {أهؤلاء إِيَّاكُمْ كَانُواْ يَعْبُدُونَ}[سبأ: ٤٠] .
وقيل: إن الله - تعالى - يحيي الأصنام يوم القيامة حتى يوبِّخوا عبَّادها ويتبرءوا منهم فيكون ذلك أعظم لحسرتهم.
وقيل: الضمير يعود على المشركين، ومثله قوله:{والله رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ} إلا أنَّ فيه عدم توافق الضمائر، إذ الضمير في «يَكُونُونَ» عائد إلى الآلهة.
و «بِعبَادتهِمْ» مصدر مضاف إلى فاعله، إن عاد الضمير في عبادتهم على