وجعل ابنُ عطية الاستثناء متصلاً، وإن عاد الضمير في «لا يَمْلِكُون» على المجرمين فقط على أن يراد بالمجرمين الكفرة والعصاة من المسلمين. قال أبو حيان: وحمل المجرمين على الكفار والعصاة بعيد. قال شهاب الدين: ولا بعد فيه، وكما استبعد إطلاق المجرمين على العصاة كذلك يستبعد غيره إطلاق المتقين على العصاة، بل إطلاق المجرم على العاصي أشهر من إطلاق المتقي عليه.
فصل
قال بعضهم: لا يملكون أن يشفعوا لغيرهم كما يملك المؤمنون.
وقال آخرون: لا يملك غيرهم أن يشفع لهم. وهذا أولى، أن الأول يجري مجرى إيضاح الواضح. وإذا ثبت ذلك دلت الآية على حصول الشفاعة أهل الكبائر. لأنه قال عقيبه «إلَاّ من اتَّخذَ عندَ الرَّحمن عَهْداً» ، والتقدير: لا يشفع الشافعون إلا لمن اتَّخذَ عند الرَّحمن عهداً، يعني للمؤمنين «، كقوله:{وَلَا يَشْفَعُونَ إِلَاّ لِمَنِ ارتضى}[الأنبياء: ٢٨] فكل من اتخذ عند الرحمن عهداً وجب دخوله فيه، وصاحب الكبيرة اتخذ عند الرحمن عهداً، وهو التوحيد، فوجب دخوله تحته، ويؤكده ما روى ابن مسعود أنه - عليه السلام -» قال لأأصحابه يوماً: «أيَعْجَزُ أحدكُمْ أن يتَّخذ عندَ كُلِّ صباح ومساء» عند الرَّحمن عهداً «قالوا: وكيف ذلك؟ قال:» يقُولُ عِنْدَ كُلِّ صباحٍ ومساء «: اللَّهُمَّ فاطرَ