وقال أبو البقاء: ووحد «آتِي» حملاً على لفظ «كُل» ، وقد جمع في موضع آخر حملاً على معناها.
قال شهاب الدين: قوله: في موضع آخر. إن عني في القرآن فلم يأت الجمع إلا و «كُل» مقطوعة عن الإضافة نحو {كُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ}[الأنبياء: ٣٣]{وَكُلٌّ أَتَوْهُ دَاخِرِينَ}[النمل: ٨٧] ، وإن عني في فيحتاج إلى سماع عن العرب كما تقدم.
والجمهور على إضافة «آتي» إلى «الرَّحمَن» .
وقرأ عبد الله بن الزبير وأبو حيوة وطلحة وجماعة بتنويه ونصب «الرَّحْمَن» وانتصب «عَبْداً» و «فَرْداً» على الحال.
فصل
المعنى: أن كل معبود من الملائكة في السموات وفي الأرض من الناس إلا ياتي الرحمن يلتجئ إلى ربوبيته عبداً منقاداً مطيعاً ذليلاً خاضعاً كما يفعل العبيد. ومنهم من حمله على يوم القيامة خاصة.
والأول أولى، لأنه لا تخصيص فيه.
{لَّقَدْ أَحْصَاهُمْ وَعَدَّهُمْ عَدّاً} أي: عدَّ أنفاسهم وأيامهم وآثارهم، فكلهم تحت تدبيره وقهره محيط بهم لا يخفى عليه شيء من أمورهم، {وَكُلُّهُمْ آتِيهِ} أي: كل واحد منهم يأتيه {يَوْمَ القيامة فَرْداً} وحيداً ليس معه من الدنيا شيء «ويبرأ المشركون منهم» .
قوله تعالى:{إِنَّ الذين آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصالحات} إلى آخر السورة.