محبَّة في الأرض حتى يكون ابتداؤها من الله - تعالى - ينزلها على أهل السماء، ثم على أهل الأرض. وتصديق ذلك في القرآن قوله:{سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرحمن وُدّاً} . وقال أبو مسلم: معناه يهبُ لهم ما يحبون. والوُدُّ والمحبَّةُ سواء، يقال: آتيتُ فلاناً محبته، وجعلت له ودَّه، ومن كلامهم: يَوَدُّ لو كان كذا،» وودتُ أن لو كان كذا أي أحببتُ «، فالمعنى: سيعطيهم الرحمن ودَّهم، أي: محبوبهم في الجنة.
والقول الأول أولى، لتفسير الرسول - عليه السلام -، ولأن حمل المحبة على المحبوب مجاز،» ولأن رسول الله قرأ هذه الآية وفسَّرها بذلك فكانت أولى «.
قال أبو مسلم: القول الثاني أولى لوجوه:
أحدها: كيف يصح القول الأول مع علمنا بأن المسلم التقي يبغضه الكفار، وقد يبغضه كثير من المسلمين.
وثانيها: أنَّ مثل هذه المحبة قد تحصل للكفار والفساق أكثر، فكيف يمكن جعله إنعاماً في حق المؤمنين؟
وثالثها: أن محبتهم في قلوبهم من فعلهم لا أنَّ الله - تعالى - فعله، فكان حمل الآية على إعطاء المنافع الأخروية أولى.
وأجيب عن الأول: بأن المراد يجعل له محبة عند الملائكة والأنبياء.
وعن الثاني: ما روي عنه - عليه السلام -: أنه حكى عن ربه - سبحانه وتعالى - أنه قال:» وإذا ذكرني عَبْدي في نفسه ذكرتُهُ «في نَفْسِي، وإنْ ذَكَرنِي) في ملأ ذكرتهُ في ملأ أطيب منهم وأفضل» والكافر والفاسق ليسا كذلك.
وعن الثالث: أنه محمول على فعل الألطاف، وخلق داعية إكرامه في قلوبهم.