للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

فصل

قال الكلبي: لمَّا أنزل على النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ الوحي بمكة اجتهد في العبادة حتى كان بين قدميه في الصلاة لطول قيامه، وكان يصلي الليل كله، فأنزل الله هذه الآية، وأمره أن يخفف على نفسه فقال: {مَآ أَنَزَلْنَا عَلَيْكَ القرآن لتشقى} [طه: ٢] .

وقيل: لما رأى المشركون اجتهاده في العبادة قالوا: إنَّك لتشقى حين تركت دين آبائك أي: لتتعنَّى وتَتْعَب وما أنزل عليك القرآن يا محمد لشقائك، فنزلت: «مَا أنْزَلْنَا عَلَيْكَ القُرْآنَ لِتَشْقَى» . وأصلُ الشقاء في اللغة العناء.

وقيل المعنى: إنَّك لَا ترم على كفر قومك كقوله: «لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُسَيْطِرٍ» وقوله {وَمَآ أَنتَ عَلَيْهِم بِوَكِيلٍ} [الأنعام: ١٠٦] ، أي: إنك لا تؤاخذ بذنبهم.

وقيل: إنَّ هذه السورة من أوائل ما نزل بمكة، وكان عليه السلام في ذلك الوقت مقهوراً تحت ذل الأعداء، فكأنه تعالى قال: لا تظن أنَّك تبقى أبداً على هذه الحالة، بل يعلو أمرك ويظهر قدرك فإنا ما أنزلنا عليك مثل هذا القرآن لتبقى شقيًّا فيما بينهم بل لتصير معظماً مكرماً.

قوله: «إِلَاّ تَذْكِرَةً» في نصبه أوجه:

أحدها: أن يكون مفعولاً من أجله، والعامل فيه فعل الإنزال، وكذلك «لِتَشْقَى» علة له أيضاً، ووجب مجيئ الأول مع اللام، لأنه ليس لفاعل الفعل المعلل ففاته شريطة الانتصاب على الفمعولية.

والثاني: جاز قطع اللام عنه ونصبه، لاستجماعه الشرائط هذا كلام

<<  <  ج: ص:  >  >>