الإتيان بالقَبَس ووجود الهدى مترقبين متوقعين بنى الأمر فيهما على الرجاء والطمع، فقال:«لَعَلِّي» ولم يقطع فيقول: إنِّي آتيكُمْ، لئلا يعد ما لم يتيقن الوفاء به، والنكتة فيه أن قوماً قالوا: كَذَبَ إبراهيمُ للمصلحة وهو محال، لأن موسى عليه السلام قبل نبوته احترز فلم يقل: إِنِّي آتِيكُمْ، بل قال «لَعَلِّي آتِيكُمْ» . والقَبَسُ: النارُ المقتبسةُ في رأس عودٍ أو فتيلةٍ أو غيرهما. «أَوْ أَجِدُ عَلَى النَّارِ هُدًى» أي ما يهتدي به وهو اسم مصدر، فكأنه قال: أجِدُ على النار ما أهتدي به من دليل أو علامة.
ومعنى الاستعلاء على النار « (أنَّ أهلَ النارِ) يستعلون المكان القريب منها، ولأن المصطلين بها إذا أحاطوا مشرفين عليها، فكأنه قال: أُجِدُ على النارِ مَنْ يَدُلُّنِي.» فَلَمَّا أتَاهَا «أي النار، قال ابن عباس: رأى شجرة خضراء من أسفلها إلى أعلاها أطافت بها نار بيضاء تتّقد كأضوأ ما يكون فوقف متعجباً من شدة ضوء تلك النار وشدة خضرة تلك الشجرة، فلا النار تغير خضرتها، ولا كثرة ماء الشجرة تغير ضوء النار.
قال ابن مسعود: كانت الشجرة سمرة خضراء.
وقال قتادة ومقاتل والكلبي: كانت من العَوْسَج.
وقال وهب: كانت من العُلِّيْق. وقيل: كانت من العِنَّاب.
قال أكثر المفسرين: إنَّ الذي رآه موسى لم يكن ناراً بل كان نورَ الربِّ (تبارك