الثالث: أن يكون جواباً لقسم محذوف دلّ عليه لفظ المِيْثَاق، أي: استحلفناهم، أو قلنا لهم: بالله لا تعبدون، ونسب هذا الوجه لسيبويه، ووافقه الكسائي والفَرّاء والمبرد.
الرابع: أن يكون على تقدير حذف حرف الجر، وحذف» أن «، والتقدير: أخذنا ميثاقهم على ألَاّ تعبدوا، فَحُذِف حرف الجر؛ لأن حذفه مطرد مع» أنَّ وأنْ «كما تقدم، ثم حذفت» أن «الناصبة، فارتفع الفعل بعدها؛ كقول طرفة:[الطويل]
وحكي عن العرب: «مُرْهُ يَحْفِرَهَا» أي: بأن يحفرها، والتقدير: عن أن يحضر، أو بأن يحفرها، وفيه نظر، فإن [إضمار]«أن» لا ينقاس، إنما يجوز في مواضع عدها النحويون، وجعلوا ما سواها شاذّاً قليلاً، وهو الصحيح خلافاً للكوفيين، وإذا حذفت «أن» ، فالصحيح جواز [النصب والرفع] ، وروي «مُرْهُ يَحْفِرهَا» و «أحضر الوَغَى» بالوجهين، وهذا رأي المبرد والكوفيين خلافاً لأبي الحسن، حيث التزم رفعه.
وأيد الزمخشري هذا الوجه الرابع بقراءة عبد الله:«لَا تَعْبُدُوا» على النهي، قال: إلَاّ أنه جاء على لفظ الخبر لقوله تعالى: {لَا تُضَآرَّ وَالِدَةٌ بِوَلَدِهَا}[البقرة: ٢٣٣] ، قال: والذي يؤكد كونه نهياً [قوله: «وأقيموا الصلاة» ] فإنه تنصره قراءة عبد الله وأُبي: «لا تعبدوا» .
الخامس: أن يكون في محلّ نصب بالقول المحذوف، وذلك القول حال تقديره: قائلين لهم: لا تعبدون إلا الله، ويكون خبراً في معنى النهي، ويؤيده قراءة أُبَي المتقدمة، ولهذا يصح عطف «قُولُوا» عليه، وبه قال الفَرّاء.
السادس: أَنَّ «أنْ» الناصبة مضمرة كما تقدم، ولكنها هي وما في حَيّزها في محلّ نصب على أنها بدل من «مِيْثَاق:، وهذا قريب من القول الأول من حيث إن هذه الجملة مفسرة للميثاق، وفيه النظر المتقدم أعني حذف أن في غير المواضع المقيسة.
السابع: أن يكون منصوباً بقول محذوف، وذلك القول ليس حالاً، بل مجرد أخبار، والتقدير: وقلنا لهم ذلك، ويكون خبراً في معنى النهي.
قال الزمخشري: كما تقول: تذهب إلى فلان تقول له: كذا تريد الأمر، وهو أبلغ من صريح الأمر والنهي؛ لأنه كأنه سُورعَ إلى الامتثال والانتهاء، فهو يخبر عنه، وتَنْصره قراءى عبد الله وأُبَيّ:» لَا تَعْبُدُوا «ولا بد من إرادة القول بهذا.
الثامن: أن يكون التقدير:» ألَاّ تَعْبُدُونَ «وهي» أن «المفسرة؛ لأن في قوله: أخَذْنَا