الثالث: أن في مناظرة آدم - عليه السلام - مع الملائكة ما ظهرت الفضيلة إلا بالنطق حيث قال:{يَآءَادَمُ أَنبِئْهُمْ بِأَسْمَآئِهِمْ فَلَمَّآ أَنْبَأَهُمْ بِأَسْمَآئِهِمْ قَالَ أَلَمْ أَقُلْ لَّكُمْ إني أَعْلَمُ غَيْبَ السماوات والأرض}[البقرة: ٣٣] .
قوله:«مِنْ لِسَانِي» يجوز أن يتعلق بمحذوف على أنه صفة ل «عُقْدَة» أي: من عقد لساني، ولم يذكر الزمخشري غيره. ويجوز أن يتعلق بنفس «احلُلْ» ، والأول أولى. قوله:«واجْعَلْ لِي وَزِيراً» يجوز أن يكون مفعولاً ثانياً مقدِّماً و «وَزِيراً» ويجوز أن يكون متعلقاً بالجعل، و «هَارونَ» بدل من «وَزِيراً» وجوَّز أبو البقاء أن يكون «هَارُونَ» عطف بيان ل «وَزيراَ» . ولم يذكر الزمخشري غيره. ولما حكى أبو حيان هذا لم يعقبه بتنكير، وهو عجب منه فإنَّ عطفَ البيان يُشترط فيه التوافق تعريفاً وتنكيراً، وقد عرفت أن وزيراً نكرة، وهارون معرفة.
والزمخشري قد تقدَّم له مثل ذلك في قوله تعالى:{فِيهِ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ مَّقَامُ إِبْرَاهِيمَ}[آل عمران: ٩٧] ، وتقدم الكلام معه هناك، وهو عائد هنا.
ويجوز أن يكون «هارون» منصوباً بفعل محذوف كأنه قال: «أخصُّ من بينهم هارون