الأقرب وعلى الأبعد، كان عوده على الأقرب راجحاً، وقد نص النحويون على هذا، فعوده على التابوت في قوله:{فاقذفيه فِي اليم فَلْيُلْقِهِ اليم} راجح، والجواب: أن أحدهما إذا كان محدِّثاً عنه والآخر فضلة كان عوده على المحدِّث عنه أرجح، ولا يلتفت إلى القرب ولهذا رددنا على أبي محمد بن جزم في دعواه أن الضمير في قوله تعالى:» فَإنَّه رِجْسٌ «عائد على (خِنْزِير) لا على (لَحْم) ، لكونه أقرب مذكور، فيحرم بذلك شحمه، وغضروفه وعظمه وجلده، فإن المحدِّث عنه هو لحم خنزير لا خنزير.
وقد تقدمت هذه المسألة في الأنعام.
قوله:«فَلْيُلْقِهِ اليَمُّ» هذا أمر معناه الخبر، ولكونه أمراً لفظاً جُزم جوابُه في قوله «يَأْخُذُه» ، وإنما خرج بصيغة الأمر مبالغة إذ الأمر أقطعُ الأفعال ولآكدها، قال الزمخشري: لما كانت مشيئةُ الله وإرادته أن يجري ماءُ اليَمِّ، ويلقى بذلك التابوت إلى الساحل سلك في ذلك سبيل المجاز، وجعل اليَمَّ كأنَّه ذو تمييزٍ أمر بلك ليطيع الأمر، ويتمثل رسمه فقيل:{فَلْيُلْقِهِ اليم بالساحل} . و «بالسَّاحِلِ» يحتمل أن يتعلق بمحذوف على أن الباء للحال. أي: ملتبساً بالسَّاحل. وأن يتعلق ينفس الفعل على أن الباء ظرفية بمعنى (