وأما قوله: إنه حال صباه لا يحصل له محبة الله. فممنوع، لأن معنى الله هو اتصال النفع إلى عباده، وهذا المعنى كان حاصلاً ي حقه في زمان صباه، وعلم الله أن ذلك يستمر إلى آخر عمره، فلا جرم أطلق عليه لفظ المحبة. قوله:«وَلِتُصْنَع» قرأ العامة بكسر اللام وضم التاء وفتح النون على البناء للمفعول، ونصب الفعل بإضمار (أنْ) بعد لام (كي) ، وفيه وجهان:
أحدهما: أن هذه العلة معطوفة على علة مقدرة قبلها.
والتقدير: ليتلطف بك ولتصنع، (أو ليعطف عليك) . وترأم ولتصنع، وتلك العلة المقدرة متعلقة بقوله:«وَأَلْقِيْتُ» أي: ألقيت عليك المحبة (ليعطف عليك ولتصنع، ففي الحقيقة هو متعلق بما قبله من إلقاء المَحَبَّةِ) .
والثاني: أن هذه اللام تتعلق بمضمر بعدها، تقديره: ولتصنع على عيني فعلت ذلك، أي: ألقيت عليكَ محبةً مِنِّي، أو كان كيت وكيت.
ومعنى «وَلِتُصْنَعَ» أي لِتُرَبِّى ويُحْسِن إلَيْكَ، وأنا مراعيك، ومراقبك كما يراعى الإنسان الشيء بعينه إذا اعتنى به. قال الزمخشري.
ومجاز هذا أنَّ مَنْ صنعَ للإنسانِ شيئاً وهو حاضر ينظر إليه صنعه كما يُحِبُّ، ولا يمكنه أن يخالف غرضه فكذا هنا. وفي كيفية المجاز قولان:
الأول: المراد من العَيْنِ العلم، أي تُرَبَّى على علم مِنِّي، ولما كان العالم بالشيء يحرسه عن الآفات أطلق لفظ العَيْن على العلم (لاشتباههما) من هذا الوجه.