للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

فالجواب قد أمِنا ذلك وإن جوزا أن ينالهما من قبل الأداء أو بعده، وأيضاً فإنهما استظهرا بأن سألا ربهما ما يزيد في ثبات قلبهما على دعائه، وذلك بأن ينضاف الدليل النقلي إلى العقلي زيادة في الطمأنينة كما في قوله تعالى: {وَلَكِن لِّيَطْمَئِنَّ قَلْبِي} [البقرة: ٢٦٠] .

فإن قيل: لمَّا تكرر الأمر من الله - تعالى - بالذهاب، فعدم الذهاب والتعلل بالخوف هل يدل على المعصية؟

فالجواب: إن اقتضى الأمر الفور كان كذلك من أقوى الدلائل على المعصية، لا سيما وقد أكثر الله - تعالى - من أنواع التشريف، وتقوية القلب، وإزالة الغم، ولكن الأمر ليس على الفور، فزال السؤال، وهذا من أقوى الدلائل على أن الأمر لا يقتضي الفور إذا ضممت إليه ما يدل على أن المعصية غير جائزة على الرسل.

قوله: «أَن يَفْرُطَ عَلَيْنَآ» مفعول «يَخَافُ» ، ويقال: فَرَطَ يَفْرُط سبق وتقدم، ومنه الفارط وهو الذي يتقدم الواردة إلى الماء، وفرس فرط تسبق الخيل، أي: نَخَاف أن يعجل علينا بالعقوبة ويبادرنا بها. قاله الزمخشري. ومن ورود الفارط بمعنى المتقدم على الواردة قول الشاعر:

٣٦٦٠ - وَاسْتَعْجَلُونَا وَكَانُوا مِنْ صَحَابَتِنَا ... كمَا تَقَدَّم فُرَّاطٌ لِوُرَّادِ

وفي الحديث: «أنَا فَرَطُكُمْ عَلَى الحَوْضِ» أي سابقكم ومتقدمكم.

وقرأ يحيى بن وثاب وابن محيصن وأبو نوفل «يُفْرَط» بضم حرف المضارعة

<<  <  ج: ص:  >  >>