قوله:«والمساكين» جمع «مسكين» ، ويسمونه جمعاً لا نظير له من الآحاد، وجمعاً على صيغة منتهى الجُمُوع، وهو من العِلَلِ القائمة مقام علّتين، وسيأتي تحقيقه قريباً إن شاء الله تعالى.
وتقدم القول في اشتقاقه عند ذكر المسكنة.
واختلف فيه: هل هو بمعنى الفقير أو أسوأ حالاً منه كقوله: {أَوْ مِسْكِيناً ذَا مَتْرَبَةٍ}[البلد: ١٦] أي: لصق جلده بالتراب، وهو قول أبي حنيفة وغيره بخلاف القير؛ فإن له شيئاً ما.
أو أكمل حالاً؛ لأن الله جعل لهم ملكاً ما، قال:{أَمَّا السفينة فَكَانَتْ لِمَسَاكِينَ}[الكهف: ٧٩] وهو قول الشافعي وغيره.
فصل
إنما تأخّرت درجتهم عن اليتامى؛ لأن المِسْكين قد ينتفع به في الاستخدامن فكان الميل إلى مُخَالطته أكثر من المَيْل إلى مُخَالطة اليتامى، وأيضاً المسكين يمكنه الاشتغال بتعهّد نفسه، ومصالح معيشته، واليتيم ليس كذلك، فلا جَرَمَ قدم الله ذكر اليتيم على المسكين.
قال: عليه الصَّلاة والسلام: «السَّاعِي عَلَى الأَرْمَلَةِ والمِسْكِينَ كَالمُجَاهِدِ فِي سَبِيْلِ اللهِ وأحسبه قال وَكَالقَائِمِ لَا يَفْتُرُ مِنْ صَلَاةٍ وَكَالصَّائم لَا يُفْطِرُ» .