جعل كذا وكذا» فأخْرَجْنَا «نحن معاشر عباده بذلك الماء بالحراسة» أزْوَاجاً مِنْ نَبَاتٍ «.
وتقدم أنَّ الصحيح أنه من كلام الله تعالى، لأنَّ ما بعده لا يليق بموسى - عليه السلام -، ولأن أكثر ما في قدرته صرف المياه إلا سَقْي الأراضي والحراسة، فأما إخراج لنبات على أصناف طبائعه وألوانه وأشكاله فليس من موسى عليه السلام، فثبت أنه كلام الله تعالى.
وقوله:» أزْوَاجاً «أي أصنافاً سميت بذلك، لأنها مزدوجة مقترنة بعضها ببعض.» شَتَّى «مختلفة الألوان والطعوم والمنافع بعضها يصلح للناس وبعضها للبهائم.
» كُلُوا «أمر إباحة.» وَارْعَوْا أنْعَامَكُمْ «تقول العرب: رَعَيْتُ الغنمِ فَرَعَت أي أسِيموا أنْعَامَكُمْ تَرْعَى.» إنَّ في ذَلِكَ «أي فيما أنزلت لكم من هذه النعم» لآيَاتٍ «لعبرة ودلالات.» لأُولِي النُّهَى «لذوي العقول.
قوله تعالى:» مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ «الآية، لما ذكر منافع الأرض السماء بيَّن أنَّها غير مخلوقة لذواتها، بل بكونها وسائل إلى منافع الآخرة، فقال:» مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ «أي من الأرض.
فإن قيل: إنَّما خَلَقَنَا من النُّطْفَةِ على ما بَيَّنَ في سائر الآيات.
فالجواب من وجوه:
الأول: أنَّه لمَّا خَلَق أصلنا وهو آدم - عليه السلام - من تُرابٍ كما قال تعالى:{كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِن تُرَابٍ}[آل عمران: ٥٩] حسن إطلاق ذلك علينا.
الثاني: أنَّ تَوَلُّدَ الإنسان إنَّما هو من النطفة ودم الطمث، وهما يتولدَّان من