للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

وقيل: بل الرؤية هنا قلبية، فالمعنى: أعْلَمْنَاهُ، وأيَّد ذلك أنه لم يُرِه إلا العصا واليد فقط.

ومن جوَّز استعمال اللفظ في حقيقته ومجازه، أو إعمال المشترك في معنييه يجيز أن يراد المعنيان جميعاً.

وتأكيد الآيات ب «كُلَّها» يدل على إرادة العموم، لأنهم قالوا: فائدة التوكيد بكلٍّ واخواتها رفع توهم وضع الأخص موضع الأعم فلا يُدَّعى أنه أراد بالآيات آيات مخصوصة، وهذا يتمشى على أن الرؤية قلبية.

ويراد بالآيات ما يدل على وحدانية الله تعالى وصدق المبلِّغ، فأما الآيات الدالة على الوحدانية فقوله: {الذي أعطى كُلَّ شَيءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هدى} [طه: ٥٠] ، وقوله: {الذي جَعَلَ لَكُمُ الأرض مَهْداً} [طه: ٥٣] إلى آخره. وما ذكره في سورة الشعراء: {قَالَ فِرْعَوْنُ وَمَا رَبُّ العالمين قَالَ رَبُّ السماوات والأرض وَمَا بَيْنَهُمَآ} [الشعراء: ٢٣ - ٢٤] الآيات. وأما الآيات الدالة على صدق المبلِّغ فهي الآيات التسع المختصة بموسى - عليه السلام -، وهي العَصَا، واليَد، وفلقُ البرح، والحجرُ، والجرَادُ، والقملُ، والضَّفَادِع، والدَّم، ونَتْقُ الجَبَلِ. ومعنى «أَرَيْنَاهُ» عرَّفنا صحتها، وأوضحنا له وجه الدلالة فيها. وإنا أضاف نفخَ الروح إلى نفسه فقال: {فَنَفَخْنَا فِيهَا مِن رُّوحِنَا} [الأنبياء: ٩١] مع أن النفخَ كان من جبريل (عليه السلام) - ولم يذكر مفعول التكذيب والإباء تعظيماً له، وهو معلوم.

قوله: {وَلَقَدْ أَرَيْنَاهُ آيَاتِنَا} يعني الآيات التسع «فَكَذَّب» بها وزعم أنها سِحْرٌ «وَأبَى» أن يسلم.

فإن قيل: قوله: «كُلَّهَا» يفيد العموم، والله - تعالى - ما أراه جميع

<<  <  ج: ص:  >  >>